حَجَرٍ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَشَفَ وَقَعَ لَفْظًا خَبَرًا عَنْ «آخِرُ» مِنْ غَيْرِ رَابِطٍ بَيْنَهُمَا فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ بِمَا يُصَحِّحُهُ كَأَنْ يُقَالَ: أُرِيدَ بِكَشْفِهَا زَمَنُ كَشْفِهَا، وَعَجِبَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ حَالٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْإِشْكَالِ، وَلَا لِخَبَرِ الْمُبْتَدَأِ أَصْلًا انْتَهَى، وَوَجْهُ الدَّفْعِ لَا يَخْفَى، ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ نَصْبُ «آخِرُ» بِـ (نَظَرْتُهَا) ، وَنَظِيرُهُ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ قُلْتُ: وَفِي تَنْظِيرِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إِذْ ضَمِيرُ (نَظَرْتُهَا) لَيْسَ رَاجِعًا إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ إِلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ مَا فِي الْآيَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الدِّرَايَةِ مَعَ أَنَّ الْأُصُولَ الْمُصَحَّحَةَ فِي الرِّوَايَةِ مُطْبِقَةٌ عَلَى رَفْعِ لَفْظِ الْآخِرِ فَتَعَيَّنَ رَفْعُ الْآخِرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا زَعْمُ أَنَّ (نَظَرْتُهَا) خَبَرٌ آخَرُ فَهُوَ إِنَّمَا صَدَرَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ إِلْمَامٌ بِشَيْءٍ مِنَ النَّحْوِ (فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِهَا، وَفِي الْقَامُوسِ الْمُصْحَفُ مُثَلَّثَةُ الْمِيمِ مِنْ أُصْحِفُ بِالضَّمِّ أَيْ: جَعَلْتُ فِيهِ الصُّحُفَ، وَقَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ: الصَّحِيفَةُ الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ صُحُفٌ وَصَحَائِفُ وَقَدِ اسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ الضَّمَّةَ فِي حُرُوفٍ فَكَسَرُوا مِيمَهَا، مِنْ ذَلِكَ: مِصْحَفٌ وَمِخْدَعٌ وَمِطْرَفٌ وَنَحْوُهَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُصْحَفُ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ ضَمُّ الْمِيمِ وَكَسْرُهَا وَفَتْحُهَا، وَالْأَوَّلَانِ مَشْهُورَانِ، كَذَا فِي التِّبْيَانِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَشْهَرُ ضَمُّهَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكَسْرُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ بَلِ الْكَسْرُ شَاذٌّ كَالْفَتْحِ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ كَسْرَهَا الْأَشْهَرُ بَلْ قَالَ إِنَّهُ مَشْهُورٌ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا فِي الصِّحَاحِ مَسْطُورٌ.
ثُمَّ وَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ حُسْنُ الْبَشْرَةِ وَصَفَاءُ الْوَجْهِ وَاسْتِنَارَتُهُ وَبَهَاءُ النَّظَرِ وَأَغْرَبَ الْحَنَفِيُّ فِي قَوْلِهِ: الْوَجْهُ هُوَ الْإِهْدَاءُ وَالْهِدَايَةُ، وَلَا يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مُتَعَلِّقًا بِظَاهِرِ الصُّورَةِ انْتَهَى، وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ لَا يَخْفَى (وَالنَّاسُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوا
الصَّلَاةَ مِنْ كَمَالِ الْفَرَحِ بِطَلْعَتِهِ الْمُشْعِرِ بِعَافِيَتِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يُعْطُوهُ الطَّرِيقَ إِلَى الْمِحْرَابِ (فَأَشَارَ إِلَى النَّاسِ أَنِ اثْبُتُوا) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا أَيْ: كُونُوا ثَابِتِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْقِيَامِ فِي الصَّفِّ (وَأَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّهُمْ) أَيْ: فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَشْعُرْ بِالْكَشْفِ إِذْ ثَبَتَ عَلَى حَالِهِ وَمَقَامِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَرْبَابِ التَّمْكِينِ فِي الدِّينِ لَمْ يَصِلْ إِلَى مَرْتَبَتِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْيَقِينِ (وَأَلْقَى) أَيْ: أَرْخَى (السَّجْفَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا كَذَا ضُبِطَ فِي الْأَصْلِ مَعًا وَاقْتَصَرَ الْحَنَفِيُّ عَلَى الْكَسْرِ فَفِي الْقَامُوسِ: السَّجْفُ وَيُكْسَرُ السَّتْرُ زَادَ فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ إِذَا كَانَ مَشْقُوقَ الْوَسَطِ (وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْ: