سَعْدٍ، وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَسَمْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا (فَمَا مِنَّا مِنْ أُولَئِكَ السَّبْعَةِ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ أَمِيرُ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ) أَيْ: وَهَذَا جَزَاءُ الْأَبْرَارِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ خَيْرٌ وَأَبْقَى فِي دَارِ الْقَرَارِ (وَسَتُجَرِّبُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا) إِخْبَارٌ بِأَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ لَيْسُوا مِثْلَ الصَّحَابَةِ فِي الْعَدَالَةِ وَالدِّيَانَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَالْأَغْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ، وَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الْكَرَامَاتِ بِالْخَبَرِ عَنِ الْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ، وَأَشَارَ إِلَى الْفَرْقِ بِأَنَّهُمْ رَأَوْا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ سَبَبًا لِرِيَاضَتِهِمْ وَمُجَاهَدَتِهِمْ وَتَقَلُّلِهِمْ فِي أَمْرِ مَعِيشَتِهِمْ، فَمَضَوْا بَعْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى مَا هُنَالِكَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ فَلَيْسُوا كَذَلِكَ، فَلَا يَكُونُونَ عَلَى قَضِيَّةِ طِبَاعِهِمُ الْمَجْبُولَةِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْقَبِيحَةِ، فَلَا يَسْتَقِيمُوا مَعَ الْحَقِّ عَلَى الصِّدْقِ، وَلَا مَعَ الْخَلْقِ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ) بِفَتْحٍ وَسُكُونِ وَاوٍ، ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ (أَبُو حَاتِمٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ (الْبَصْرِيُّ) بِالْفَتْحِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهُ (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ) مَاضٍ مَجْهُولٌ مِنْ أَخَافَ بِمَعْنَى خُوِّفَ (وَمَا يُخَافُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَخَافُ (أَحَدٌ غَيْرِي) لِأَنِّي كُنْتُ وَحِيدًا فِي ابْتِدَاءِ إِظْهَارِ دِينِي، وَالْمَعْنَى وَمَا يُخَافُ مِثْلَ مَا أُخِفْتُ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ (وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ) أَيْ: فِي دِينِهِ (وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ يُوَافِقُنِي فِي تَحَمُّلِ أَذِيَّةِ الْكُفَّارِ حِينَئِذٍ (وَلَقَدْ أَتَتْ) أَيْ: مَرَّتْ وَمَضَتْ (عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: تَأْكِيدٌ لِلشُّمُولِ أَيْ: ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُتَوَالِيَاتٍ لَا يَنْقُصُ مِنْهَا شَيْءٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: فِيهِ تَأَمُّلٌ، قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ تَمْيِيزٌ لِثَلَاثِينَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعَدَدَ نِصْفُ شَهْرٍ لَا شَهْرٌ كَامِلٌ (مَا لِي) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا لِي بِالْوَاوِ، وَجَعَلَهُ الْعِصَامُ أَصْلًا، وَقَالَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِدُونِ
وَاوٍ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ وُجُودَ الْوَاوِ ظَهَرَ فِي إِرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَالِيَّةَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لِي (وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الشِّبَعِ (ذُو كَبِدٍ) أَيْ: حَيَوَانٍ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّتِهِ (إِلَّا شَيْءٌ) أَيْ: قَلِيلٌ جِدًّا (يُوَارِيهِ) أَيْ: يَسْتُرُهُ (إِبِطُ بِلَالٍ) فَكَنَّى بِالْوَارِدَةِ تَحْتَ الْإِبِطِ عَنِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَعَنْ عَدَمِ مَا يُجْعَلُ مِنْ ظَرْفٍ وَشَبَهِهِ مِنْ مِنْدِيلٍ وَنَحْوِهِ، وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَهُ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي وَكَانَ بَعْضُ الْأَوْقَاتِ تَمُرُّ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَلَمْ يَكُنْ لِي طَعَامٌ وَكُسْوَةٌ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِلَالٌ رَفِيقِي، وَمَا لَنَا شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ قَلِيلٌ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُهُ بِلَالٌ تَحْتَ إِبِطِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا ظَرْفٌ نَضَعُ الطَّعَامَ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنِّي رَأَيْتُ بِخَطِّ مِيرَكَ عَنِ السَّيِّدِ أَصِيلِ الدِّينِ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ سُكُونَ الْبَاءِ فِي إِبِطٍ، وَمَا سَمِعْنَا بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَيَقُولُونَ بِهَا أَهْلُ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ انْتَهَى، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ