لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ) الْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا التَّبَعِيَّةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَلَّاهُمَا لَا التَّجْمِيعُ (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ) يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ وَلِسُنَّةِ الْمَغْرِبِ فَقَطْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَدْ أَغْرَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: لَا تُجْزِئُ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ فِي الْمَسْجِدِ، وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ، قُلْتُ: وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُهُ (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ) حَيْثُ فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ
يُصَلِّيَ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ.
«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» .
اعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا لَكِنْ بِزِيَادَةٍ، وَلَفْظُهُ: كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي فِي بَيْتِهِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَأَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَدَا لَهُ الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ» .
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ) قِيلَ الْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: حَدَّثَنِي غَيْرُ حَفْصَةٍ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعُ) بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ: يَظْهَرُ (الْفَجْرُ) أَيِ: الصُّبْحُ (وَيُنَادِي الْمُنَادِي) أَيْ: يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا سُنَّتُهُ (قَالَ أَيُّوبُ أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: أَظُنُّهُ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِنَافِعٍ ; لِأَنَّ أَيُّوبَ رَاوٍ عَنْهُ (قَالَ) أَيْ: نَافِعٌ بَعْدَ قَوْلِهِ رَكْعَتَيْنِ (خَفِيفَتَيْنِ) وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُمَا وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِي تَطْوِيلِهِمَا مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يُحْمَلُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ عَلَى أَنَّ فِيهِ رَاوِيًا لَمْ يُسَمَّ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ: يُنْدَبُ تَطْوِيلُهُمَا وَلَوْ لِمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ صَلَاةَ اللَّيْلِ، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُبَّمَا يُقَالُ أَنَّهُ جَمْعٌ حَسَنٌ لِيَحْصُلَ تَدَارُكُ مَا فَاتَ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا آيَةَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا أَيِ: اسْعَوْا إِلَيَّ مُسْلِمُونَ) آيَةَ آلِ عِمْرَانَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ أَوْ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِيهِمَا سُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ وَصَحَّ: «نِعْمَ السُّورَتَانِ تَقْرَأُ بِهِمَا فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» .
ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَنَا أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ أَفْضَلُ مِنْ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِكُلِّ حَدِيثٍ، وَلَوْ مَرَّةً فَيُؤْتَى بِكُلِّ مَا وَرَدَ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي رَكْعَتَيْهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ فِي اسْتِحْبَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ