رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا ; بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ بِحَسْبِ النَّشَاطِ، وَعَدَمِهِ وَقَدْ أَنْكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ هُوَ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا أَخْرَجَهُ بْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ: لَا مُخَالَفَةَ عِنْدِي بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ ; لِأَنَّ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا قَرَأَ بَعْضَهَا جَالِسًا، وَبَعْضَهَا قَائِمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ) بِالتَّصْغِيرِ (أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (خَالِدٌ الْحَذَّاءُ) بِتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَطَوُّعِهِ) أَيْ: كَيْفِيَّتِهِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ لَمْ تَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ ; فَإِنَّ التَّطَوُّعَ تَنَفُّلٌ مِنَ الطَّاعَةِ وَهُوَ الْتِزَامُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَبَرُّعًا مِنَ النَّفْسِ (فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا) أَيْ: يُصَلِّي فِي لَيْلَةٍ صَلَاةً طَوِيلَةً حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) فَطَوِيلًا صِفَةُ مَفْعُولٍ مُطْلَقٍ مَحْذُوفٍ، وَلَمَّا حَذَفَ الْمَوْصُوفَ حَذَفَ تَاءَ التَّأْنِيثِ عَنِ الصِّفَةِ (وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا) ثُمَّ مَنْ عُدِمَ الْفَهْمَ نَسَبَ مَا تَقَدَّمَ إِلَى الْوَهْمِ، وَمَنْ جَعَلَ الطَّوِيلَ صِفَةَ اللَّيْلِ، وَأَرَادَ بَعْضَهُ أَيْ: زَمَنًا طَوِيلًا مِنَ اللَّيْلِ فَقَدْ أَبْعَدَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَمَا يُصَلِّيهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ بَعْضُهُ أَطْوَلُ، وَبَعْضُهُ طَوِيلٌ وَبَعْدَهُ قَصِيرٌ، فَلَيْسَ لِلْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ أَصْلًا (فَإِذَا قَرَأَ) الْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ (وَهُوَ قَائِمٌ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ فِي حَالِ الْقِيَامِ (رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ) أَيْ: مُنْتَقِلٌ إِلَيْهِمَا فِي حَالِ الْقِيَامِ (وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ جَالِسٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ جَالِسٌ)

مَبْنَاهُ وَمَعْنَاهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَفِيهِ جَوَازُ التَّنَفُّلِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ، لَكِنَّ الْقَاعِدَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ إِلَّا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْخُصُوصِيَّةِ بِهِ.

(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) أَيِ: الزُّهْرِيِّ (عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْمُطَّلِبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015