(إِنَّ خُرَافَةَ كَانَ رَجُلًا مِنْ عُذْرَةَ) بِضَمِّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَسُكُونِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنَ الْيَمَنِ (أَسَرَتْهُ) أَيِ: اخْتَطَفَتْهُ (الْجِنُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: فِي أَيَّامِهَا، وَهِيَ قَبْلَ بَعْثَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَوَى الْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ فِي الْأَمْثَالِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا رَحِمَ اللَّهُ خُرَافَةَ إِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا (فَمَكَثَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا أَيْ: لَبِثَ (فِيهِمْ دَهْرًا) أَيْ: زَمَانًا طَوِيلًا (ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الْإِنْسِ وَكَانَ) بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةٍ فَكَانَ (يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمَا رَأَى فِيهِمْ مِنَ الْأَعَاجِيبِ فَقَالَ النَّاسُ: حَدِيثُ خُرَافَةَ) أَيْ: فِيمَا سَمِعُوهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْعَجِيبَةِ، وَالْحِكَايَاتِ الْغَرِيبَةِ هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةَ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَكَاذِيبِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ قَدْ تُرَادُ مُبَالَغَةً فِي الْأَعَاجِيبِ ثُمَّ فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّحَدُّثِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لَا سِيَّمَا مَعَ الْعِيَالِ، وَالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَهُنَّ، وَتَفْرِيجِ الْهَمِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَالنَّهْيُ الْوَارِدُ مَحْمُولٌ عَلَى كَلَامِ الدُّنْيَا، وَمَا لَا يَعْنِي فِي الْعُقْبَى، وَالْحِكْمَةُ أَنْ يَكُونَ خَاتِمَةُ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ بِالْحُسْنَى، وَمُكَفِّرَةٌ لِمَا وَقَعَ لَهُ فِيمَا مَضَى، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أُمِّ زَرْعٍ فِي بَابِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الْأَهْلِ فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْهُ وَحِدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ مِنْهَا فَدَلَّ الْحَدِيثَانِ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ، وَسَمَاعِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
(حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ) أَيْ: هَذَا حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالْعُنْوَانِ، وَمَيَّزَهُ عَنْ سَائِرِ الْأَقْرَانِ لِطُولِ مَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ، وَلِهَذَا أَفْرَدَهُ بِالشَّرْحِ بَعْضُ الْأَعْيَانِ ثُمَّ أُمُّ زَرْعٍ بِزَايٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ، وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَاحِدَةٌ مِنَ النِّسَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ أُضِيفَ إِلَيْهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ الْكَلَامِ، وَغَايَةَ الْمَرَامِ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا (عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَلَسَتْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جَلَسَ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِ الْفِعْلِ مُسْنَدًا إِلَى الْمُؤَنَّثِ الْحَقِيقِيِّ بِلَا فَاصِلٍ، نَعَمْ فِي صُورَةِ الْفَصْلِ يَجُوزُ الْوَجْهَانِ نَحْوَ حَضَرَتِ الْقَاضِيَ امْرَأَةٌ، وَحَضَرَ الْقَاضِيَ امْرَأَةٌ، فَوَجْهُ تَذْكِيرِهِ أَنَّهُ عَلَى حَدِّ: «قَالَ فُلَانَةُ» كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ اسْتِغْنَاءً بِظُهُورِ تَأْنِيثِهِ عَنْ عَلَامَتِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّاءَ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْكِيدِ فِي إِفَادَةِ التَّأْنِيثِ ابْتِدَاءً كَمَا
يُؤَكَّدُ فِي الْأَكْثَرِ انْتِهَاءً، وَكِلَاهُمَا يَقَعُ اهْتِمَامًا وَاعْتِنَاءً، وَقَدْ يُكْتَفَى بِأَصْلِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ التَّأْكِيدِ اكْتِفَاءً، وَقِيلَ أَنَّهُ رُوعِيَ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِ لَا الْجَمَاعَةِ إِذْ حُكْمُ الْإِسْنَادِ إِلَى الْجَمْعِ حُكْمُ الْإِسْنَادِ إِلَى الْمُؤَنَّثِ الْغَيْرِ الْحَقِيقِيِّ فِي التَّخْيِيرِ، وَالْمَعْنَى جَلَسْتُ فِي بَعْضِ قُرَى مَكَّةَ، وَقِيلَ عَدَنٍ (إِحْدَى عَشْرَةَ) بِسُكُونِ الشِّينِ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَكْسِرُونَهَا (امْرَأَةً) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: كُلُّهُنَّ مِنَ الْيَمَنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا غَرَضٌ مُعْتَدٌّ بِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ لِلْبُخَارِيِّ سُمِّيَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْهُنَّ عَمْرَةُ بِنْتُ عُمَرَ وَحَيُّ بِنْتُ كَعْبٍ وَمَهْدَدُ بِنْتُ أَبِي هَرُومَةَ وَكَبْشَةُ وَهِنْدُ وَحُبَّى بِنْتُ عَلْقَمَةَ وَكَبْشَةُ بِنْتُ الْأَرْقَمِ وَبِنْتُ