أَيْضًا الرَّقَبَةُ، عَلَى مَا وَرَدَ عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهَا ذَبَحَتْ شَاةً فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَطْعِمِينَا مِنْ شَاتِكُمْ، فَقَالَتْ: مَا بَقِيَ عِنْدَنَا إِلَّا الرَّقَبَةُ، وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ أُرْسِلَ بِهَا، فَقَالَ لِلرَّسُولِ ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَقَالَ: أَرْسِلِي بِهَا فَإِنَّهَا هَادِيَةُ الشَّاةِ، وَأَقْرَبُ الشَّاةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَأَبْعَدُهَا مِنَ الْأَذَى.
فَهِيَ كَلَحْمِ الذِّرَاعِ وَالْعَضُدِ، أَخَفُّ عَلَى الْمَعِدَةِ، وَأَسْرَعُ هَضْمًا، وَمِنْ ثَمَّةَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثَرَ مِنَ الْغِذَاءِ مَا كَثُرَ نَفْعُهُ، وَتَأْثِيرُهُ فِي الْقُوَى، وَخَفَّ عَلَى الْمَعِدَةِ، وَكَانَ أَسْرَعَ انْحِدَارًا عَنْهَا وَهَضْمًا ; لِأَنَّ مَا جَمَعَ ذَلِكَ أَفْضَلَ الْغِذَاءِ.
وَوَرَدَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ الْكُلْيَتَيْنِ، لِمَكَانِهِمَا مِنَ الْبَوْلِ، قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي الطِّبِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَوَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ مِنَ الشَّاةِ سَبْعًا: الْمَرَارَةَ، وَالْمَثَانَةَ، وَالْحَيَاءَ، وَالذَّكَرَ، وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَالْغُدَّةَ، وَالدَّمَ، وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ مُقَدَّمُهَا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا، وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ الضَّبَّ، رَوَاهُ الْخَطِيبُ عَنْ عَائِشَةَ.
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ فَهْمٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ قَبِيلَةٌ، وَاسْمُ هَذَا الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ الْفَهْمِيُّ، وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ، كَذَا فِي التَّقْرِيبِ، قَالَ مِيرَكُ: وَأَكْثَرُ مَا يَأْتِي فِي الْإِسْنَادِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ فَهْمٍ غَيْرِ مُسَمًّى (يَقُولُ) كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، قَالَ بِلَفْظِ الْمَاضِي (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَطْيَبَ اللَّحْمِ) أَيْ: أَلَذَّهُ وَأَلْطَفَهُ، فَأَطْيَبُ بِمَعْنَى أَحْسَنَ (لَحْمُ الظَّهْرِ) أَوْ مَعْنَاهُ أَطْهَرُ ; لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ مِنَ الْأَذَى ; وَلَعَلَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لِلظَّهْرِ أَيْضًا وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ، أَنَّ أَطْيَبِيَّتَهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّمَا تَنَاوَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ ; لِأَنَّهُ مَنْ لَمْ يَذُقْ لَمْ يَعْرِفْ، وَيُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْكَشْفِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَقِيلَ: بِكَسْرِهَا (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) بِالتَّصْغِيرِ قِيلَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ، وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِي مُلَيْكَةَ: زُهَيْرٌ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ.
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ) بِالتَّصْغِيرِ، وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةٌ (مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ) بِتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وَاسْمُهُ شُعْبَةُ، وَقِيلَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ سَالِمٌ، أَوْ رُؤْبَةُ أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ خِدَاشٌ أَوْ مُطَرَّفٌ، أَوْ حَمَّادٌ أَوْ خُبَيْبٌ،