وَضَعْفًا.
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (هُوَ الطَّنَافِسِيُّ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، مَنْسُوبٌ إِلَى طَنَافِسَ جَمْعُ طُنْفُسَةٍ بِضَمِّ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَكَسْرِهَا، وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا: الْبِسَاطُ الَّذِي لَهُ حَمْلٌ وَحَصِيرٌ مِنْ سَعَفٍ قَدْرُهُ ذِرَاعٌ فَكَانَ النِّسْبَةُ لِلْعَمَلِ أَوِ الْبَيْعِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ صَارَ عَلَمًا لَهُ بِالْغَلَبَةِ، وَاشْتَهَرَ بِهِ وَهُوَ ثِقَةٌ، كَذَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ وَفِي نُسْخَةٍ ضَعِيفَةٍ هُوَ الطُّفَالِيُّ بِضَمِّ الطَّاءِ وَبِالْفَاءِ آخِرُهُ لَامٌ بَعْدَهُ تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ (أَخْبَرَنَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنْبَأَنَا (زُهَيْرٌ) بِضَمِّ زَايٍ وَفَتْحِ هَاءٍ (أَبُو خَيْثَمَةَ) بِتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَيْنَ فَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ زُهَيْرٍ أَبِي الْمُنْذِرِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ (عَنْ حُمَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ أَيِ الطَّوِيلِ (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ) الظَّاهِرُ مِنْهَا لِيَرْجِعَ إِلَى الْفِضَّةِ فَأَوَّلَهُ بَعْضٌ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى مَا صُنِعَ مِنْهُ الْخَاتَمُ، وَهُوَ الْفِضَّةُ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالْأَوْضَحُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، وَالضَّمِيرُ لِلْخَاتَمِ أَيْ فَصُّهُ بَعْضُ الْخَاتَمِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ حَجَرًا، فَإِنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ مُجَاوِرٌ لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى الْفِضَّةِ وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْوَرِقِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرٍ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ مِنْ فِضَّةٍ كُلُّهُ.
قَالَ مِيرَكُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْخَوَاتِيمِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِيَاسِ بْنِ حَرْثِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ، فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدِي، قَالَ: وَكَانَ مُعَيْقِيبُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي كَانَ أَمِينًا عَلَيْهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ سَعْدٍ شَاهِدًا مُرْسَلًا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ، غَيْرَ أَنَّ فَصَّهُ بَادٍ، وَأَخْرَجَ مُرْسَلًا أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلَهُ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ، وَثَالِثًا مُسْنَدًا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبِسَهُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَخِي خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ، قَالَ: دَخَلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْخَاتَمُ فِي يَدِكَ يَا عَمْرُو، قَالَ: هَذِهِ حَلْقَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَمَا نَقْشُهَا، قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ فِي يَدِ عُمَرَ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ لَبِسَهُ عُثْمَانُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَحْفِرُ بِئْرًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَرِيسٍ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى شَفَتِهَا يَأْمُرُ بِحَفْرِهَا سَقَطَ الْخَاتَمُ فِي الْبِئْرِ، وَكَانَ عُثْمَانُ يُكْثِرُ إِخْرَاجَ خَاتَمِهِ مِنْ يَدِهِ وَإِدْخَالَهُ فَالْتَمَسُوهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْخَاتَمَ هُوَ الَّذِي كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا، حَيْثُ أُتِيَ بِهِ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ وَرِقٍ أَيْ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ قُلْتُ: وَيُلَايِمُهُ قَوْلُهُ: يَخْتِمُ بِهِ أَيْ أَحْيَانًا وَلَا يَلْبَسُهُ أَيْ أَبَدًا، قَالَ: وَإِنَّمَا أَخَذَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَالِدٍ أَوْ عَمْرٍو لِئَلَّا يَشْتَبِهَ عِنْدَ الْخَتْمِ بِخَاتَمِهِ الْخَاصِّ إِذْ نَقْشُهُ مُوَافِقٌ لِنَقْشِهِ فَيُفَوِّتُ
مَصْلَحَةَ الْخَتْمِ بِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَبَبِ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ، وَأَمَّا الَّذِي فَصُّهُ مِنْ فِضَّةٍ فَهُوَ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَاغَتِهِ فَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: أَنَا صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا لَمْ يُشْرِكْنِي فِيهِ أَحَدٌ نَقَشْتُ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ اتِّخَاذُهُ قَبْلَ أَخْذِ خَاتَمِ خَالِدٍ أَوْ عَمْرٍو وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ لَهُمْ خَاتَمًا وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهُ فِيهِ تِمْثَالُ أَسَدٍ قَالَ مَعْمَرٌ فَغَسَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَشَرِبَهُ فَفِيهِ مَعَ إِرْسَالِهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ فَكَيْفَ إِذَا خَالَفَ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَعَلَّهُ لَبِسَهُ مَرَّةً قَبْلَ النَّهْيِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، قَالَ فِي شِرْعَةِ الْإِسْلَامِ: التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ وَالْفِضَّةِ سُنَّةٌ، قَالَ شَارِحُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ التَّخَتُّمَ بِالْعَقِيقِ قِيلَ حَرَامٌ لِكَوْنِهِ حَجَرًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ يَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ» وَلَيْسَ بِحَجَرٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الشِّرْعَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْحَلْقَةِ لَا الْفَصِّ، حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْحَجَرِ وَالْحَلْقَةُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَلَكِنَّهُ لِذِي سُلْطَانٍ أَيْ ذِي غَلَبَةٍ وَحُكُومَةٍ مِثْلَ الْقُضَاةِ وَالسَّلَاطِينِ، فَتَرْكُهُ لِغَيْرِ ذِي الْحُكُومَةِ أَحَبُّ لِكَوْنِهِ زِينَةً مَحْضَةً، بِخِلَافِ الْحُكَّامِ ; لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْخَتْمِ فِي