...
المطلب السادس: قضية الرسم المصحفي من حيث كونه توقيفياً أم لا؟
أ - ذهب الجمهور إلى أن الرسم العثماني توقيفي، يجب على الأمة إتباعه، ولا تجوز مخالفته.
واستدلوا على ذلك بأمور متعددة:
(1) أن كتاب الوحي كتبوا القرآن الكريم بهذا الرسم أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أقرهم على ما كتبوه.
(2) كتب القرآن الكريم بالرسم نفسه في العهد الصديقي، ثم في العهد العثماني، وأجمع الصحابة عليه، ولم يخالف في ذلك أحد منهم، وإجماعهم واجب الإتباع.
(3) اتبعت الأمة هذا الرسم،وقلدته في كتابة المصاحف، واستمر العمل عليه في عصور التابعين والأئمة المجتهدين، ولم ير من يعتد بقوله مخالفاً له، وفي ذلك نصوص كثيرة لعلماء الأمة من الأئمة الأربعة وغيرهم1، بل نقل البعض إجماع الأئمة الأربعة على ذلك2، ومن ثم جعل القراء موافقة الرسم العثماني أحد أركان قبول القراءة3.
ب - ذهب البعض إلى أن الرسم غير توقيفي، ولا تجب موافقته، بل تجب كتابة المصاحف بالرسم الإملائي حسب ما تقتضيه قواعد أهل صناعة الخط.
واحتجوا بأن كتاب المصاحف من الصحابة كانوا غير مجيدين للخط، فوقعوا في أخطاء في الكتابة، ولا يجب علينا إتباعهم في ذلك لأن رسمهم قد يوقع الناس في الخلط والالتباس والحيرة ولا يمكنهم من القراءة الصحيحة، كما أنه لم يرد دليل شرعي يوجب كتابة المصحف برسم معين4.
ج- ذهب بعض المتأخرين والمعاصرين إلى التوسط بين الأمرين، فقالوا بوجوب كتابة المصاحف بالرسم الإملائي لعامة الناس، وبالرسم العثماني للخواص من أهل العلم5.