والأمة الإسلامية عنيت بالقرآن الكريم عناية فائقة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فقد حفظت لفظه، وكشفت عن معانيه، واستقامت على العمل به عملاً بقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: 30) ، وأفنت أعمارها في البحث والدراسة فيه، وفي الكشف عن أسراره، ولم يترك علماء المسلمين ناحية من نواحيه إلا أشبعوها بحثاً وتمحيصاً، وألفوا في ذلك مؤلفات قيمة في التفسير، والقراءات وما يتعلق بها من علوم كعلم الرسم والضبط والفواصل (عد الآي) والوقف والابتداء، وتوجيه القراءات، وألفوا في فضائل القرآن وآداب تلاوته، وأحكام القرآن، وفي الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وفي إعجاز القرآن، وغريبه، وإعرابه، وقصصه، وفي أمثاله وأقسامه، ومنهم من ألف في تناسب آياته وسوره… إلى غير ذلك من علوم ومعارف يقول فيها الإمام بدر الدين الزركشي1: "ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستفرغ عمره، ثم لم يحكم أمره،.."2

وكل ذلك بتسخير من الله (عزوجل) منزّل هذا الكتاب العزيز مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) ، وليس هذا إلا معجزة من معجزات هذا الكتاب الذي قال الله تعالى في وصفه: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت:42) ، ثم خص به من شاء من بريته وأورثه من اصطفاه من خليقته: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} (فاطر: 32) .

هذا، وأسأل الله تعالى أن يوفقني لكتابة ما ينفعني وينفع الأمة الإسلامية في الدنيا والآخرة، ويكون إسهاماً مني في مجال إبراز دور المملكة العربية السعودية في خدمة القرآن الكريم وعلومه.

والله الموفق والمعين،،،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015