دل الحديث السابق الذي أخرجه البخاري على أن الصحف التي جمع فيها القرآن سلمت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فحفظه عنده، حتى توفي سنة 13هـ، ثم آلت إلى أمير المؤمنين من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى توفي سنة 23هـ، وبعد وفاته بقيت عند ابنته حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها، لأن عمر رضي الله عنه جعل أمر الخلافة من بعده شورى، فبقى عندها إلى أن طلبه عثمان بن عفان رضي الله عنه لنسخها، ثم أعادها إليها مرة أخرى.
وبقي عندها حتى أرسل مروان بن الحكم2 يسألها إياه فامتنعت، ولما توفيت أرسل مروان إلى أخيها عبد الله بن عمر رضي الله عنها – ساعة رجعوا من جنازة حفصة – ليُرْسِلَنّ إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه، فأمر بها مروان فشققت، فقال مروان:
"إنما فعلتُ هذا، لأن ما فيها قد كتب، وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يَرْتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب"3.