طهّرت أشعاري بعرضك بعدما ... كانت بأشعار اللئام تدنّس

ومن شعر مخلد بن بكار

وهو القائل:

يطلع النّجم على صعدته ... فإذا واجه بدراً أفلا

معشرٌ إن ظمئت أرماحهم ... أوردوهنّ مجاجات الطّلى

تحسن الألوان منهم في الوغى ... حين يستنكر للرّعب الحلى

سخط عبد الله يدني الأجلا ... ورضاه يتعدّى الأملا

يعشب الصّلد إذا سالمه ... وإذا حارب روضاً أمحلا

حطّ رحلي في ذراه جوده ... وتمشى في نداه الخيزلى

وقال في الرقيق:

أقول لنضوٍ أنفد السير نيّها ... فلم يبق منها غير عظمٍ مجلّد

خدي لي ابتلاك الله بالشوق والهوى ... وشاقك تحنان الحمام المغرّد

فمرت سريعاً خوف دعوة عاشق ... تشقّ بها الموماة في كلّ فدفد

فلما ونت باليسير ثنّيت دعوتي ... فكانت لها سوطاً إلى ضحوة الغد

تعست العجلة

وبعت عائشة بنت سعد بن أبي وقاص مولاها فندأ يأتيها بنار وهي بالمدينة؛ فمضى إلى مصر فأقام بها سنةً، ثم جاء بنار وهو يعدو مسرعاً، فعثر فبدد الجمر فقال: تعست العجلة!

ما رأينا لغرابٍ مثلاً ... إذ بعثناه يجي بالمشعله

غير فند أرسلوه قابساً ... فثوى حولاً وسبّ العجله

الذنب للجبل والقمر

صعد ابن زهير الخزاعي جبلاً، فأعيا وسقط كالمغشي عليه. فقال: يا جبل؛ ما أصنع بك؟ أأضربك؟ لا يوجعك، أأشتمك؟ لا تبالي، يكفيك يوم تكون الجبال كالعهن المنفوش.

وهذا ضد قول أعرابي آخر سرى في قمر، فلما غاب ضل الطريق. فقال يخاطب بعيره:

اسق ما أسأرته الأكما ... أن عسينا أن نرى علما

كيف لا تغوى هداية من ... عاد طفلاً بعدما هرما

يقول له: أسرع بي حتى تعرق فتسقي الأكم بسؤر عرقك، وهو بقيته لعلنا نرى علماً نهتدي به. ويريد بقوله: عاد طفلاً بعدما هرما يريد القمر: لأنه في أول الشهر يكون كالطفل ينشأ حتى يتكامل، ثم يدخله النقص حتى يمحق، ثم يعود كأول نشأته؛ يذمه بذلك.

وصف الشمس

ومن عجيب ما في هذا المعنى قول رجل من بني الحارث بن كعب يصف الشمس:

مخبأة أمّا إذا الليل جنّها ... فتخفى وأمّا بالنهار فتظهر

إذا انشقّ عنها ساطع الفجر وانجلى ... دجا الليل وانجاب الحجاب المستّر

وألبس عرض الأرض لوناً كأنّه ... على الأفق الغربيّ ثوبٌ معصفر

تجلّت وفيها حين يبدو شعاعها ... ولم يعل للعين البصيرة منظر

عليها كردع الزعفران يشبّه ... شعاعٌ تلالا فهو أبيض أصفر

فلمّا علت وابيضّ منها اصفرارها ... وجالت كما جال المنيح المشهّر

وجلّلت الآفاق ضوءاً وأسعرت ... بحرٌّ لها منه الضّحى يتسعّر

ترى الظّل يطوى حين تبدو، وتارةً ... تراه إذا زالت عن الأرض ينشر

كما بدأت إذ أشرقت في مغيبها ... تعود كما عاد الكبير المعمّر

وتدنف حتى ما يكاد شعاعها ... يبين إذا ولّت لمن يتبصّر

وأفنت قروناً وهي في ذاك لم تزل ... تميت وتحيي كلّ يومٍ وتنشر

بلادة كيسان

وكانت كيسان مستملي أبي عبيدة، موصوفاً بالبلادة. قال الجاحظ: كان يكتب غير ما يسمع، ويقول غير ما يكتب، ويستملي غير ما يقرأ، ويملي غير ما يستملي، أميت عليه يوماً.

قلت لمعشر عدلوا ... بمعتمر أبا عمرو

فكتب أبا بشر، وقرأ أبا حفص، واستملى أبا زيد، وأملى أبا نصر.

وذكر أبو عبيدة كيسان في شيء، فقال: والله ما فهم، ولو فهم لوهم.

نوادر تحكى عن غير الناس

نوادر تحكى عن غير الناس: قيل لإبليس لعنه الله: ماذا لقيت من المتعلمين؟ قال: التعلم ينسيهم وهم يلعنوني.

قيل للعقرب: لم لا تشمسين في الشتاء مع الناس؟ قالت: من كثرة إحساني إليهم في الصيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015