وقال علي بن معبد، ونعيم: بلحون العرب وأصواتها، وإياكم
ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين.
وقال أبو عمرو: فالإمالة لا شك من الأحرف السبعة، ومن لحون العرب، وأصواتها، فإن لحونها، وأصواتها مذاهبها، وطباعها.
فقد ثبت بها الخبر، وصحت بها القراءة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما ثبت الخبر بالفتح، وصحت به القراءة
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا لم يكن كذلك، ولم يكن في ذلك الخبر دلالة على أن التفخيم أحسن الوجوه لا لفظاً، ولا معنى، لم يلزم احتجاج أبي عبيد به من خالفه.
قلت: وكذلك ما أورده أبو عمرو، رحمه الله، من
الحديث يمنع ما صار إليه من اختيار الإمالة المتوسطة إذا كان معنى
السبعة الأحرف ما ذكره، ثم قال أبو عمرو: على أن هذا الخبر
يحتمل وجهين من الصواب سوى ما ذكره، وهما أولى به لصحة
دليلهما.
أحدهما: أن يكون معنى نزل القرآن بالتفخيم أي بالغلظة والشدة
على المشركين كما قال عز من قائل: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) .
وقال عزَّ وجلَّ (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) .
وقال عزَّ وجلَّ: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) .
وقال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)