ثم نسخ بأنا لا نشاء شيئاً إلّا أن يشاء الله، وهذا ضرب من الهذيان.
وقالوا في قوله عز وجل. (ادْفَعْ بالتِي هِيَ أحْسَنُ) :
إنه منسوخ بآية السيف، وليس كذلك، إنما هذا ندب إلى الحلم عند جهل الجاهل.
قال ابن عبّاس: هما الرجلان يسبُّ أحدهما الآخر، فيقول
المسبوب للسابِّ: إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله
لك، فيصير السابُّ كأنه صديق لك، وقريب منك، والحميم الخاص
بك.
قاله أبو العباس محمد: وقيل: الحميم: القريب، أي ادفع بحلمك
جهل من جهل، وبعفوك إساءة المسيء، وقال ابن عبّاس: أمر الله
المسلمين بالصبر عند الغضب، وبالعفو، والحلم عند الإساءة، فإذا
فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم من أساء حتى يصير
كأنّه ولي حميم.
وقال مجاهد: ادفع بالسلام إساءة من أساء إليك تقول
له إذا لقيته: السلام عليكم، وقال عطاء مثل ذلك.
* * *
ليس فيها نسخ، وما ذكروه عن وهب بن منبّه أنه قال في قوله
عزّ وجلّ: (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأرْضِ) :
هو منسوخ بقوله عز وجل في سورة المؤمن: (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلذِينَ آمَنُوا) .
وقيل: هو منسوخ بقوله عز وجلّ: (فَاغْفِرْ لِلذِينَ تَابُوْا)
وهذا تفسير استغفارهم، وليس غير الأول، وعلى الجملة فليس هذا بناسخ لما في الشورى، فإن استغفارهم للمؤمنين ليس بمعارض لقوله