"يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن، وذكري عن مَسْألَتي أَعْطيتُهُ أفضلَ
ما أُعْطِي السائلين".
فإن قيل: التلاوةُ أفضلُ أم الذكرُ؟
قلت: إذا تلوت خاطبك الله عز وجل، وإذا ذكرته فأنت تخاطبه، ولا
مزيد على هذا.
وقيل لعبد الله بن مسعود، رحمه الله: إن فلاناً يقرأ القرآن
منكوساً، فقال: ذلك منكوسُ القلب.
قال أبو عبيد: يَتَاَولُ منكوساً كثيرٌ من الناس أن يبدأ من آخر البقرة
فيقرأها إلى أولها، وهذا شيء ما أحسب أحداً يُطيقه، ولا كان هذا في
زمن عبد الله، ولا عرفه، ولكن وجهه عندي أنْ يبدأَ من آخر القرآن من
المعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتاب؛ لأن
السنة خلاف هذا يُعْلَمُ ذلك بالحديث الذي يُحَدثُهُ عثمانُ رحمه الله عن
النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان إذا نزلتْ عليه السورة أو الآية قال ضَعُوها في الموضع الذي يُذْكَرُ فيه كذا وكذا"
ألا ترى أن التأليف للآي في الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم كتبت المصاحف على هذا، ومما يبين لك ذلك أنه ضم
براءة إلى الأنفال فجعلها بعدها، وهي أطول، وإنما ذلك للتأليف، وكان
أول القرآن فاتحة الكتاب، ثم البقرة، فإذا بدأ من المعوذتين صارت فاتحة
الكتاب آخر القرآن، فكيف تسمى فاتحته، وقد جعلت خاتمته؟.
قال: وقد روي عن الحسن وابن سيرين من الكراهة فيما هو دون