بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لاريب في عجز البلغاء، وقصور الفصحاء عن معارضة القرآن
العظيم، وعن الإتيان بسورة من مثله في حديث الزمان والقديم، وذلك
ظاهر مكشوف ومتيقن معروف لا سيما القوم الذين تحداهم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم كانوا ذوي حرص على تكذيبه، والرد عليه، وحالهم معه معروفه في معاداته، ومعاندته، وإظهار بغضه، وأذاه، وقذفه بالجنون والشعر، والسحر. فكيف يترك من هذه حاله معارضته، وهو قادر عليها، ومماثلته، وهو وأصل إلبها، هذا وهو ينادي عليهم بقوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)
مع ما فيه من سبهم، وسب آبائهم، ووصفهم بالجهل، والعجز، وإيعادهم بالعذاب، والنكال، وسوء المنقلب، ورميهم بالكذب، والافتراء وتقبيح ألافعال، وتهجين ما هم عليه من الأحكام الفاسدة، وإطالة القول في ذلك، وفي شرح أحوالهم، واستقباح أعمالهم فيما أعد لهم من الهوان، والنكال في الدنيا والضآل.
أليس هذا وشبهه مما يحملهم على المعارضة لو كانوا قادرين عليها.
ومما يجذبهم إلى المناظرة لو وجدوا سبيلاً إليها، وحالهم في الجدال
معلومة، وأمورهم في تفاخرهم، وطلبهم الترفع مفهومة، وقد كانوا