يدل على أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا كان بموضع القدرة فقد كانت له خواص أبيح له فيها ما لم يبح للناس وحرم عليه منها ما لم يحرم على الناس فقال: لا يمسكن الناس علي بشيء من الذي لي أو علي دونهم فإن كان علي ولي دونهم لا يمسكن به.
498 - وذلك مثل أن الله عز وجل إذا أحل له من عدد النساء ما شاء وأن يستنكح المرأة إذا وهبت نفسها له قال الله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: من الآية50] فلم يكن لأحد أن يقول قد جمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أكثر من أربع ونكح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة بغير مهر وأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفيا من المغانم وكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن الله عز وجل قد بين في كتابه وعلى لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ذلك له دونهم.
499 - وفرض الله عليه أن يخير أزواجه في المقام معه والفراق فلم يكن لأحد أن يقول علي أن أخير امرأتي على ما فرض الله عز وجل على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
500 - وهذا معنى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كان قاله: "لا يمسكن الناس علي بشيء فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله".
501 - وكذلك صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبذلك أمره وافترض عليه أن يتبع ما أوحى إليه ونشهد أن قد اتبعه.
502 - فما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله عز وجل في الوحي اتباع سنته فيه فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله عز وجل.
503 - قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] .