قاعدة في معرفة المصالح والمفاسد

يقول الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة:219] الإثم أتى به مفرداً، والمنافع أتى بها جمعاً على صيغة منتهى الجموع، وهذه المنافع مهما كثرت ومهما عَظُمت الإثم الذي في الخمر والميسر أكبر من النفع، ولهذا قال: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219] .

وعلى هذا فنأخذ فائدة أو قاعدة عظيمة في الشريعة، وهي: إذا غلبت المفسدة على المصلحة، وجب ترك الشيء والبُعْد عنه، وإذا تساوت المصلحة والمفسدة أيضاً يُترك؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا غلبت المصلحة على المفسدة أُخِذ بالمصلحة.

فالمهم أن جميع الأشياء: إما أن تكون مصلحتها راجحة، أو مرجوحة، أو مساوية، هذه ثلاثة أقسام، أو يكون الشيء ذا مصلحة خالصة، أو ذا مضرة خالصة.

فالأقسام إذاً خمسة: مصلحة خالصة.

مضرة خالصة.

مصلحة راجحة.

مضرة راجحة.

مصلحة ومضرة متساويتان.

أما ما مصلحته خالصة: فإن الشرع يَحُثُّ عليه.

وأما ما مضرته خالصة: فإن الشرع يُحَذِّر منه.

وأما ما مصلحته متساويتان: فالشرع أيضاً يُحَذِّر منه؛ لأنه إذا اجتمعت مفسدة ومصلحة فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

وأما ما مضرته راجحة: فالشرع أيضاً يُحَذِّر منه.

وأما ما مصلحته راجحة: فالشرع يُرَغِّب فيه.

فصار الشرع يُرَغِّب في شيئين: الأول: ما مصلحته خالصة.

والثاني: ما مصلحته راجحة.

ويُحَذِّر من ثلاثة أمور: 1/ ما مضرته خالصة.

2/ ما مضرته راجحة.

3/ ما تساوى فيه الأمران، والذي تساوى فيه الأمران إنما حذَّر الشرع؛ لأن المفسدة أقبح وأشد تأثيراً من المصلحة؛ لأن المفسدة إذا اجتمعت مع المصلحة فهي أقبح من المصلحة، وأشد تأثيراً، ولهذا نُهي عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015