قيام رمضان وبعض أحكامه

بعد هذا تذهب إلى المسجد كما قلنا في الأول تتوضأ في البيت وتسبغ الوضوء، وهنا أنبه إلى أنه يحسن للإنسان أن يتوضأ في بيته أحسن من المسجد؛ لأجل أن يخرج وهو متطهر، فإن من توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا وصل المسجد وصلى فإن الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة.

تدخل في صلاة العشاء، تدخل في قيام رمضان؛ لأن التراويح قيام رمضان، لولا أننا نعتقد أنه قيام رمضان لكنا لم نقم رمضان، هو قيام رمضان تماماً، انتبه لا تظن أنه صلاة فقط مجرد هو صلاة لكن هو قيام رمضان، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطيل فيه الصلاة، قالت عائشة رضي الله عنها لما سئلت: (كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة -رضي الله عنها وهي من أعلم الناس بصلاته- يصلي أربعا، ً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً) .

هذا الحديث إذاً أربع وأربع ثمان وثلاث إحدى عشر، لكن قولها: يصلي أربعاً، قد يحتمل أن المعنى يصليها جميعاً في تسليمة واحدة، ثم يصلي أربعاً في تسليمة واحدة، وهذا محتمل، لكن يحتمل وجهاً آخر، أنه يصلي أربعاً بتسليمتين يعني: يصلي ركعتين ثم ركعتين ثم يستريح، والدليل على هذا أمران: الأمر الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى) ولم يعهد من الرسول عليه الصلاة والسلام أنه صلى أكثر من اثنتين إلا في الوتر، الوتر كان يوتر بخمس أو بسبع ولا يجلس إلا في آخرها، أو بتسع ويجلس في الثامنة ويتشهد ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويتشهد ويسلم، لكن في الوتر ما عهد عنه أنه صلى أكثر من ركعتين، وقد قال هو عليه الصلاة والسلام قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) .

والوجه الثاني: مما يؤيد هذا أنها قالت (ثم) وثم هذه للترتيب والمهلة فيجعل بين الأربع والأربع شيئاً من المهلة، ولهذا أخذ الناس هذا العمل، فصار الناس في صدر هذه الأمة يصلون أربعاً ثم يستريحون ثم يصلون أربعاً، ولهذا سميت تراويح من الراحة، ما هي تراويح بمعنى السرعة، لا، من الراحة! يصلون صلاة طويلة ثم يستريحون، يصلي أربعاً ويستريح، ويصلي أربعاً ويستريح، ثم يصلي ثلاثاً.

وظاهر قولها رضي الله عنها أنه لا يسلم في هذه الثلاث، لأنه وتر والوتر إذا أوتر بثلاث يسردها، لكن قد صح عن ابن عمر أنه يسلم في الركعتين ويأتي بالثالثة، فإن فعلت هذا أو هذا فكله جائز، لكني أرجح أن الثلاث تكون سرداً بتسليمة واحدة.

انتهينا من صلاة أول الليل، بعد ذلك هل يكتب للإنسان أجر إلى الفجر؟ استمع: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثلاث ليالٍ، فقالوا: يا رسول الله! لو نفلتنا بقية ليلتنا -يعني: لو زدت النفل هنا بمعنى الزيادة، لو زدتنا بقية الليلة انظر الهمة العالية، نحن لو أطلنا قال الناس: أطال فلان، ابحثوا عن غيره أخف منه، لكن الصحابة قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: انفلنا بقية الليلة زدنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد قيام ليلة وأنت نائم! نعم قيام ليلة وأنا نائم، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام نعمة من الله، إذاً يكتب للإنسان الذي يقوم مع الإمام حتى ينصرف قيام ليلة كاملة قاله النبي صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015