قال الله عزَّ وجلَّ: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة:3] : يعني: إلا ما أدركتم ذكاته فذكيتموه من المنخنقة، والموقوذة، والمتردية والنطيحة، وما أكل السبع، فما أدركناه حياً فإننا نذبحه، ويكون حلالاً؛ ولكن كيف نعلم أنه حي، يعني: جئنا إلى شاة قد فرى الذئب بطنها، وهي الآن محتضَرة، تكاد أن تموت، فذبحناها؛ سمينا وذبحناها، كيف نعرف أن فيها حياة؟ قال بعض العلماء: نعرف ذلك بأن يتحرك شيء منها، يد، أو رِجل، أو أذن، أو ذنَب، أي شيء يتحرك فهي دليل على أن فيها حياة فتحل، فإن لم يتحرك منها شيء، فإنها لا تحل، فجعلوا علامة الحياة الحركة، وقالوا: إذا ذبحناها وتحرك منها أي جزء، فإنها تكون حلالاً؛ لأن حركتها دليل على أنها تألمَّت من الذبح، ولا تتألم إلا وفيها حياة، ولو غمَّضت بعينها أو فتحت بعينها؟ كذلك أيضاً دليل على أنها حية.
وقال بعض العلماء: بل العلامة سَيَلان الدم الأحمر الحار، ولو لم تتحرك؛ لأنها قد تكون مع شدة الألم الذي أصابها من أكل الذئب، أو من التناطح، أو من الوقذ، أو من التردي، أو من الإنخناق قد تكون لا تتحرك؛ لأن قواها انحطت؛ لكن إذا سال منها الدم الأحمر الحار فهذا دليل على أنها حية، فتكون حلالاً.
قالوا: والدليل على هذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكُلْ) وهذا الذبح هو أَنْهَرَ الدم، خرج الدم الحار الأحمر، أما لو ذبحناها فخرج منها دمٌ أسود بارد يسيل بصعوبة، فهذا دليل على أنها قد ماتت.
وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وعلى هذا فتكون علامة الحياة في هذه الذبيحة هو: سيلان الدم الأحمر الحار الذي يخرج من الحية عادة.