Q رجل يقتر على زوجته وأولاده مما يجعلهم في حاجة إلى مساعدة غيرهم، وقد نشب بينهم خلاف فقال: إن أخذت شيئاً من أهلك فأنتِ حرام عليَّ، وقد ندم مؤخراً على كلامه ويريد أن يرجع عنه، فماذا يفعل وهل يجوز أن يدفع لها أخوها من زكاة ماله؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: أنا أنصح هذا الرجل المقتر، بأنه آثم عاصٍ لله عز وجل، إذا قتر فيما يجب عليه لزوجته وأولاده، لأن الله أوجب عليه الإنفاق على زوجته وعلى أولاده، فإذا بخل فقد عصى الله عز وجل، والبخل مرض، من الذي يوصف بالبخل؟ اليهود هم أصحاب البخل، هل ترضى لنفسك بأنك تكون مشابهاً لليهود؟ أبداً، لا أحد من المسلمين يرضى أن يكون مشابهاً لليهود أبداً، ولكن البخل من أخلاق اليهود، مع كونه معصية لله ورسوله، مع كون هذا الرجل سفيهاً في عقله، بعد أن كان ناقصاً في دينه فهو سفيه في عقله كيف؟ لمن يعود هذا المال إذا بخل به؟ إذا مات يعود إلى ورثته وقد يكون من بينهم زوجته وهؤلاء الأولاد الموجودون الآن، فإن لم يكن له زوجة ولا أولاد من الذي يرثه؟ بنو عمه البعيدون، فيبخل بالمال على نفسه وعلى أقرب الناس إليه ليكون لبني عمه البعيدين، فإن لم يكن له بنو عم فلبيت المال أبعد وأبعد، هذا مسكين هذا المال الذي يبخل به يرثه إما أولاده أو زوجته الموجودون، وإما بنو عمه البعيدون، وإما من هو أبعد وهو بيت المال.
هذا إن بقي المال مع إنه ربما يسلط عليه آفة تفنيه، ربما يصاب هذا البخيل بأمراض يحتاج معها إلى أموال كثيرة فتفنى أمواله وهو حي.
فنحن نقول لهذا الرجل: أنت الآن ناقص الإيمان سفيه العقل، ونقول له: (إن كل يوم تطلع فيه الشمس فيه ملكان أحدهما يقول: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الثاني: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) هل تحب الخلف أم التلف؟ يمكن البخيل هذا يحب التلف، إنما كل إنسان يحب الخلف، ما يمكن يحب التلف، ثم نقول اقرأ قول الله عز وجل {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] الذي يرزقك الله، لا تظن أن المليون الذي عندك إذا نقص عشر ليرات معناه: لم يعد تماماً، بل سيصبح أكثر، يتم المليون وزيادة: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] .
فنصيحتي لهذا الرجل أن يتقي الله ويقوم بالواجب لزوجته وأولاده حتى يبارك الله له في ماله ويتخلص من مشابهة اليهود، أما بالنسبة للزوجة والأولاد فلها شرعاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تقوم به كفايتها، تسطو على الصندوق إن كانت تعرف المفتاح، وتأخذ ما تريد بشرط ألا تسرف، تأخذ من المخبأة إذا علَّق الثوب تأخذ منه حاجتها، بشرط ألا تسرف، لها ذلك شرعاً لأن هند بنت عتبة شكت زوجها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعطيها ما يكفيها وولدها قال: (خذي من ماله ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف) .
فإذاً نقول: أنتِ حرة لكِ الحق أن تأخذي، فإن لم تستطيعي كأن يكون هذا الرجل يحمل مفتاح الصندوق معه، والمخبأة لا يجعل فيها شيئاً أو حصل لها شيء، ماذا تعمل؟ تأخذ من أقاربها ولا تموت هي وأولادها، لها أن تأخذ، وإذا حرم عليها أن تأخذ من أقاربها، لم يلزمها أن تطيعه في ذلك، لها أن تأخذ، وهو الذي يتعب ليتخلص من هذا التحريم.
وإذا كان هذا الرجل حاضراً يقول: إن شاء الله لن أعود إلى البخل فأنا أفتيه أن يكفر كفارة يمين عن هذا التحريم، وينحل التحريم، يطعم عشرة مساكين ويتركها تأخذ من الذي تريد، وخير من ذلك أن يعطيها هو من ماله.