وقد أوقع الله تعالى في هذا الشهر المبارك انتصارات عظيمة للمسلمين، أولها: غزوة بدر، فقد كانت في السنة الثانية من الهجرة، وفيها انتصر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الكفار انتصاراً ساحقاً مع قلة العَدد والعُدد، وكثرت عَدد الأعداء وعُددهم، كان الأعداء ما بين التسع مائة إلى الألف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما بين ثلاثمائة إلى بضعة عشر زائداً على الثلاثمائة، ومعهم سبعون بعيراً وفرسان يتعاقبون عليها، وحصل النصر العظيم، حتى قتل في تلك الغزوة سبعون من قريش وأسر سبعون.
وقتل من صناديدهم أربعة وعشرون، وسحبوا حتى وضعوا في قليب بدر، فركب النبي صلى الله عليه وسلم ناقته ووقف على البئر، وجعل يكلمهم ويوبخهم يا فلان بن فلان باسمه واسم أبيه: (إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟! -و
صلى الله عليه وسلم نعم- فقيل: يا رسول الله! كيف تكلم أناساً صاروا جيفاً، فقال: ما أنتم بأسمع بما أقول منهم لكنهم لا يجيبون) لأنهم جيف وموتى.
أما الانتصار الثاني: فهو فتح مكة البلد الأمين، الذي استولى عليه المشركون وبقوا مستولين عليه إلى السنة الثامنة من الهجرة، ففتحه الله على يد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو أحق الناس بولايته كما قال تعالى في المشركين: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنفال:34] .
وقصة بدر وفتح مكة موجودة في كتب التاريخ، كما أن بقية الغزوات موجودة، ومن أراد أن يطلع على ذلك فعليه بـ زاد المعاد لـ ابن القيم رحمه الله فإنه جامع بين التاريخ والفقه، أو بـ البداية والنهاية لـ ابن كثير.
أسأل الله لي ولكم الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، وأن يجعل شهرنا هذا شاهداً لنا لا علينا، وأن يرزقنا فيه العمل بما يرضيه، إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.