توعد سبحانه وتعالى من منعها في قوله: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180] ، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة:36-35] .
وجاءت السنة مبينة للآية الأولى أنه ما من إنسان يؤتيه الله مالاً فلا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة مُثِّلَ له شجاع أقرع، قال أهل العلم: الشجاع الذكر العظيم من الحيات، والأقرع الأملس الرأس الذي ليس على رأسه شعر وذلك لكثرت سمه تمزق شعره والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان -يعني: غدتان كل واحدة منهما مثل الزبيبة مملوءتان من السم، نسأل الله العافية- فيأخذ بلهزمتيه -يعني: يعض شدقيه- ويقول: أنا كنزك، أنا مالك) .
أما الآية الثانية: ففسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم -يعني: الصفائح من النار يحمى عليها في نار جهنم- فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) .
ونحن إذا تأملنا الآيتين والحديث تبين لنا أن مانعي الزكاة يوبخون يوم القيامة ويعذبون، يوبخون يُقال: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ} [التوبة:35] وفي الحديث يقول: (أنا مالك، أنا كنزك) وهذا ألم قلبي.
أما الألم البدني فقد عرفتم ماذا يكون من عض الشجاع الأقرع بشدقي هذا المانع من الزكاة ولكونها تكوى بها الجباه والجنوب والظهور، وهذا الوعيد الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام يدفع الوازع الديني الذي يكون في فطرة كل مؤمن حتى يقوم بأداء الزكاة، وذلك لأن النفس تميل إلى ما ينفعها وتهرب مما يضرها، فلهذا جاءت النصوص تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالجمع بينهما.
وحينئذٍ لابد أن نعرف ما هي الأموال التي فيها الزكاة؟ وما هي الأموال التي لا تجب فيها الزكاة؟