الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن درسنا في هذه الليلة؛ ليلة الخميس الموافق للخامس من شهر رمضان عام: (1411هـ) سيكون إن شاء الله في بيان مفسدات الصوم، التي يسميها العامة المفطِّرات.
ويجب أن نأخذ قاعدة قبل الدخول في مفسدات الصوم بخصوصها، وهي: أن مفسدات العبادات سواء كان ذلك من مفسدات الوضوء التي تسمى نواقض الوضوء، أو من مفسدات الصلاة التي تسمى مبطلات الصلاة، أو من مفسدات الصوم، أو من مفسدات الحج، أو من مفسدات المعاملات، كلها لابد فيها من دليل، وذلك لأن الأصل في العبادات التي يقوم بها العبد على مقتضى الشرع الأصل فيها الصحة حتى يقوم دليل من الشرع على أنها فاسدة.
هذه قاعدة متفق عليها بين العلماء؛ لأن الأصل أن ما وقع صحيحاً، فهو صحيح، حتى يقوم دليل على فساده، ولهذا استفتى جماعة من الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم يأتون إليهم بلحم ولا يدرون هل سَمُّوا الله عليه أم لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سَمُّوا أنتم وكلوا) لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أنه صحيح حتى يقوم دليل الفساد.
وعلى هذا فإذا قلنا في مفسدات الصوم: إن هذا مفسد فلابد لنا من دليل، فإن لم يكن هناك دليل فإن قولنا مردود علينا، كل إنسان يقول لك: إن هذا مفطِّر فطالبه بالدليل، قل: أنا صائم بأمر الله، وعلى مقتضى شريعة الله، فأتني بدليل من عند الله يدل على أن هذا الشيء مفطِّر، فإن لم تأتني بدليل فأنا قائم بأمر الله، متبع لشريعة الله، مخلص لله، ومن عَبَدَ الله مخلصاً له الدين، متبعاً لشريعة سيد المرسلين فإن عمله صالح مقبول عند الله، أفهمنا هذه القاعدة؟ إذاً: نقول: لا يمكن أن نقول: إن هذا الشيء مفطِّر إلا مقروناً بالدليل، فإن لم يكن فلا قبول.
فنقول: المفطِّرات أشياء محصورة: ا/ الأكل.
2/ والشرب.
3/ والجماع.
4/ والإنزال بشهوة بفعل من الصائم.
5/ وما كان بمعنى الأكل والشرب.
6/ والقيء عمداً.
7/ وخروج الدم بالحجامة.
8/ وخروج دم الحيض.
9/ وخروج دم النِّفاس.
هذه تسعة أشياء عرفناها بالتتبع؛ لأنه ليس في الكتاب والسنة أن هناك تسعة أشياء مفطِّرة، أو مفسدة للصوم؛ لكن العلماء رحمهم الله يتتبعون الأدلة، ويستقرئونها، ويستنتجون منها ما يستنتجونه من الأحكام.