بيع وشراء العملات الورقية

إذا قال قائل: ما تقولون في هذه العملات الورقية؟! الذهب والفضة معلومان بالسنة؛ لكن هذه العملات الورقية ماذا نقول فيها؟ فقد اختلف العلماء فيها؛ لأنها خرجت متأخرة، ما كانت معروفة عند العلماء السابقين، خرجت متأخرة، والمتأخرون اختلفوا فيها على ستة أقوال، وأقرب الأقوال فيها: أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، يعني: إذا بعت شيئاً بشيء متفاضلاً فلا بأس، لكن لابد من التقابض قبل التفرق، وهذا قول وسط بين من يقول: إنه لا يجري فيها ربا فضل ولا ربا نسيئة، وبين من يقول: إنه يجري فيها ربا الفضل وربا النسيئة، فهذا قول وسط، أنه يجري فيها ربا النسيئة؛ لأن ربا النسيئة هو الأشد والأعظم؛ حتى ذهب بعض السلف قديماً إلى أنه لا ربا إلا في النسيئة، بناءً على حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الربا في النسيئة) .

لكن انعقد الإجماع بعد ذلك على مقتضى السُّنَّة الأخرى التي فيها إثبات ربا الفضل، وإثبات ربا النسيئة.

فأقرب الأقوال عندي في مسألة الأنواط، يعني: الأوراق، أوراق العملة أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، وأن ربا الفضل فيها جائز، بل هو ليس رباً شرعياً؛ لأنه مثلما لو بعتُ عليك ثوباً بثوبين لا بأس به بالاتفاق، أو بعتُ عليك بعيراً ببعيرين، لا بأس به أيضاًَ، كذلك لو بعتُ ورقةًَ بورقتين لا بأس به؛ لكن إذا كانت الدولة واحدة، فإن كان ورقة بما يقابلها من معدن آخر فلا بأس بالزيادة، وليس فيه إشكال عندي؛ لكن إذا كانت ورقة بورقة؛ لكن ورقة جديدة نظيفة وأخرى فيها تمزق فهذه في نفسي تردُّد، هل تجوز الزيادة في هذا أو لا تجوز، والاحتياط: ألا يكون فيها زيادة.

والمهم -أيها الإخوة- أن الربا إثم عظيم وجُرم كبير، وقد قال الله تعالى في من لم ينتهِ عن الربا قال: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:279] .

ومع الأسف الشديد أننا نحن معشر الأمة الإسلامية الذين فُضِّلنا على كل الأمم -ولله الحمد- فينا اليوم من يتعاطى الربا وكأنه بيع حلال، ففينا بعد ذلك شبه من اليهود؛ لأن اليهود هم المشهورون بأكل الربا، فمن أكل الربا فإن فيه شبهاً من اليهود، إخوان القردة والخنازير والعياذ بالله.

نسأل الله لنا ولكم الحماية والوقاية من الشر، إنه جواد كريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015