بالجامع الطولوني (?) وكان يتردد على المسجد كما سبقت الاشارة يوم الجمعة من كل أسبوع.
ولكنه بعد هذه المحنة اتجه إلى الاعتكاف واعتزال الناس، ونحن نقرر أن اعتزاله واعتكافه الذي ذكره المترجمون له إنما كان بعد هذه المحنة في عام 906 هـ، ويصف المترجمون ذلك بأنه «لمّا بلغ أربعين سنة أخذ في التجرد للعبادة والانقطاع إلى الله تعالى والاشتغال به صرفا، والاعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته وترك الافتاء واعتذر عن ذلك في مؤلف سماه بالتنفيس، وأقام في روضة المقياس فلم يتحول منها إلى أن مات» (?).
فصاحب هذا النص وغيره من المترجمين (?)، يوقتون انقطاع السيوطي واعتكافه وميله للعزلة ومقامه بالروضة ببلوغه الأربعين، وقد سبق أن رأينا أن ذلك يتنافى مع ما قدمنا من ترجمة حياته بعد الأربعين وتوليه مشيخة البيبرسية وقيامه بالقاء الدروس بالجامع الطولوني وغير ذلك من أنواع الأنشطة، وأظهر من ذلك سعيه لتولي منصب رئاسة القضاء.
والحق أن ما يذكره أصحاب هذه التراجم من أمر هذا الاعتكاف إنما كان بعد المحنة الأخيرة التي واجهها السيوطي عام 906 هـ وهو في السابعة والخمسين من عمره، ومنذ ذلك الحين اتجه إلى الاعتكاف تماما وابتعد عن المشاركة في الحياة العامّة، وانقطع للعبادة والتأليف بمنزله بالروضة حتى وافته المنية.