مشهور. وكيف يكون عند أم المؤمنين هذا الحديث وهي تقول: الأقراء الأطهار، فإن صح الحديث وجب القول به ولم يسع مخالفته، ويكون حكمها حكم المطلقة ثلاثاً في اعتدادها بثلاثة قروء، ولا رجعة لزوجها عليها، فإن الشارع يخصص بعض الأعيان والأفعال والأزمان والأماكن ببعض الأحكام، وإن لم يظهر لنا موجب التخصيص. فكيف وهو ظاهر في مسألة المخيرة فإنها لو جعلت عدتها حيضة واحدة لبادرت إلى التزوج بعدها، أيس منها زوجها. فإذا جعلت ثلاث حيض طال زمن انتظارها وحسبها عن الأزواج، ولعلها تتذكر زوجها فيها وترغب في رجعته، ويزول ما عندها من الوحشة.
ولو قيل: إن اعتداد المختلعة بثلاث حيض لهذا المعنى بعينه لكان حسناً على وفق حكمه الشارع، ولكن هذا مفقود في المسبية والمهاجرة والزانية والموطوءة بشبهة.
فإذا قيل: فهب أن هذا كله قد سلم لكم، فكيف يسلم لكم في الآيسة والصغيرة التى لا يوطأ مثلها.
قيل: هذا إنما يرد على من جعل علة العدة مجرد براءة الرحم فقط. ولهذا أجابوا عن هذا السؤال: بأن العدة ههنا شرعت تعبداً محضاً غير معقول المعنى. وأما من جعل هذا بعض مقاصج العدة فإن لها مقاصد أخرى من تكميل شان هذا العقد واحترامه، وإظهار خطره وشرفه، فجعل له حريم بعد انقطاعه بموت أو فرقة، فلا فرق في ذلك بين الآيسة وغيرها، ولا بين الصغيرة والكبيرة، مع أن المعنى الذى طولت له العدة في حق الرجعية والمطلقة ثلاثاً موجود بعينه في الآيسة والصغيرة. وكان مقتضى الحكمة التى تضمنت النظر في مصلحة الزوج في الطلاق الرجعي وعقوبته، وزجره في الطلاق المحرم - التسوية بين النساء في ذلك. وهذا ظاهر جداً وبالله تعالى