حجَّة لكم فِيهِ فَإِن الْمَسِيح لم يكن لَهُ أَب فنسبه من جِهَة الْأَب مُسْتَحِيل فَقَامَتْ أمه مقَام أَبِيه وَلِهَذَا ينْسبهُ الله سُبْحَانَهُ إِلَى امهِ كَمَا ينْسب غَيره من ذَوي الاباء إِلَى أَبِيه وَهَكَذَا كل من انْقَطع نسبه من جِهَة الْأَب إِمَّا بِلعان أَو غَيره فأمه فِي النّسَب تقوم مقَام أَبِيه وَأمه وَلِهَذَا تكون فِي هَذِه الْحَال عصبته فِي أصح الْأَقْوَال وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَات عَن الإِمَام أَحْمد وَهُوَ مُقْتَضى النُّصُوص وَقَول ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَغَيره وَالْقِيَاس يشْهد لَهُ بِالصِّحَّةِ لِأَن النّسَب فِي الأَصْل للْأَب فَإِذا انْقَطع من جِهَته عَاد إِلَى الْأُم فَلَو قدر عوده من جِهَة الْأَب رَجَعَ من الْأُم إِلَيْهِ وَهَكَذَا كَمَا اتّفق النَّاس عَلَيْهِ فِي الْوَلَاء أَنه لموَالِي الاب فَإِذا تعذر رُجُوعه إِلَيْهِم صَار لموَالِي الْأُم فَإِذا أمكن عوده إِلَيْهِم رَجَعَ من موَالِي الْأُم إِلَى معدنه وقراره وَمَعْلُوم أَن الْوَلَاء فرع على النّسَب يحتذى فِيهِ حذوه فَإِذا كَانَ عصبات الْأُم من الْوَلَاء عصبات لهَذَا الْمولى الَّذِي انْقَطع تعصيبه من جِهَة موَالِي أَبِيه فَلِأَن تكون عصبات الْأُم من النّسَب عصبات لهَذَا الْوَلَد الَّذِي انْقَطع تعصيبه من جِهَة أَبِيه بطرِيق الأولى وَإِلَّا فَكيف يثبت هَذَا الحكم فِي الْوَلَاء وَلَا يثبت فِي النّسَب الَّذِي غَايَته أَن يكون مشبهاً بِهِ مفرعا عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا يدل على أَن الْقيَاس الصَّحِيح لَا يُفَارق النَّص أصلا ويدلك على عمق علم الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وبلوغهم فِي الْعلم إِلَى غَايَة يقصر عَن نيلها السباق وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم