يجوز أَن يعدى بِحرف الْجَرّ وبالتضعيف تَقول أجلست زيدا وجلسته وَجَلَست بِهِ وأقمته وقومته وَقمت بِهِ وأنمته ونومته ونمت بِهِ ونظائر ذَلِك وَهنا لَا يقوم مقَام الْهمزَة غَيرهَا فَبَطل أَن تكون للتعدية
الثَّانِي أَنَّهَا تجامع بَاء التَّعْدِيَة فَتَقول أكْرم بِهِ وَأحسن بِهِ وَالْمعْنَى مَا أكْرمه وَمَا أحْسنه وَالْفِعْل لَا تجمع عَلَيْهِ بَين معديين مَعًا
الثَّالِث أَنهم يَقُولُونَ مَا أعْطى زيدا للدراهم وَمَا أكساه للثياب وَهَذَا من أعْطى وكسا الْمُتَعَدِّي وَلَا يَصح تَقْدِير نَقله إِلَى عطو إِذا تنَاول ثمَّ أدخلت عَلَيْهِ همزَة التَّعْدِيَة كَمَا تَأَوَّلَه بَعضهم لفساد الْمَعْنى فَإِن التَّعَجُّب إِنَّمَا وَقع من إِعْطَائِهِ لَا من عطوه وَهُوَ تنَاوله والهمزة فِيهِ همزَة التَّعَجُّب والتفضيل وحذفت همزته الَّتِي فِي فعله فَلَا يَصح أَن يُقَال هِيَ للتعدية
قَالُوا وَأما قَوْلكُم إِنَّه عدي بِاللَّامِ فِي قَوْلهم مَا أضربه لزيد وَلَوْلَا أَنه لَازم لما عدي بِاللَّامِ فَهَذَا لَيْسَ كَمَا ذكرْتُمْ من لُزُوم الْفِعْل وَإِنَّمَا هُوَ تَقْوِيَة لَهُ لما ضعف بِمَنْعه من الصّرْف وألزم طَريقَة وَاحِدَة خرج عَن سنَن الْأَفْعَال وَضعف عَن مُقْتَضَاهُ فقوي بِاللَّامِ وَهَذَا كَمَا يقوى بِاللَّامِ إِذا تقدم معموله عَلَيْهِ وَحصل لَهُ بتأخره نوع وَهن جبروه بِاللَّامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تعبرون} يُوسُف 43 وكما يقوى بِاللَّامِ إِذا كَانَ اسْم فَاعل كَمَا تَقول أَنا محب لَك ومكرم لزيد وَنَحْوه فَلَمَّا ضعف هَذَا الْفِعْل بِمَنْعه من الصّرْف قوي بِاللَّامِ هَذَا الْمَذْهَب هُوَ الرَّاجِح كَمَا ترَاهُ
وَالله أعلم