جلاء الافهام (صفحة 124)

وَلَو أطلقنا عنان الْقَلَم فِي ذَلِك لطال مداه واستعصى على الضَّبْط فلنرجع إِلَى مَا جرى الْكَلَام بِسَبَبِهِ فَنَقُول الْمِيم حرف شفهي يجمع النَّاطِق بِهِ شَفَتَيْه فَوَضَعته الْعَرَب علما على الْجمع فَقَالُوا للْوَاحِد أَنْت فَإِذا جاوزوه إِلَى الْجمع قَالُوا أَنْتُم وَقَالُوا للْوَاحِد الْغَائِب هُوَ فَإِذا جاوزوه إِلَى الْجمع قَالُوا هم وَكَذَلِكَ فِي الْمُتَّصِل يَقُولُونَ ضربت وضربتم وَإِيَّاك وَإِيَّاكُم وإياه وإياهم ونظائره نَحْو بِهِ وبهم وَيَقُولُونَ للشَّيْء الْأَزْرَق أَزْرَق فَإِذا اشتدت زرقته واستحكمت قَالُوا زرقم وَيَقُولُونَ للكبير الأست ستهم

وَتَأمل الْأَلْفَاظ الَّتِي فِيهَا الْمِيم كَيفَ تَجِد الْجمع معقودا بهَا مثل لم الشَّيْء يلمه إِذا جمعه وَمِنْه لم الله شعثه أَي جمع مَا تفرق من أُمُوره وَمِنْه قَوْلهم دَار لمومة أَي تلم النَّاس وتجمعهم وَمِنْه {أَكْلاً لَمّاً} الْفجْر 19 جَاءَ فِي تَفْسِيرهَا يَأْكُل نصِيبه وَنصِيب صَاحبه وَأَصله من اللم وَهُوَ الْجمع كَمَا يُقَال لفه يلفه وَمِنْه ألم بالشَّيْء إِذا قَارب الِاجْتِمَاع بِهِ والوصول إِلَيْهِ وَمِنْه اللمم وَهُوَ مقاربة الِاجْتِمَاع بالكبائر وَمِنْه الملمة وَهِي النَّازِلَة الَّتِي تصيب العَبْد وَمِنْه اللُمة وَهِي الشّعْر الَّذِي قد اجْتمع وتقلص حَتَّى جَاوز شحمة الْأذن وَمِنْه تمّ الشَّيْء وَمَا تصرف مِنْهَا وَمِنْه بدر التم إِذا كمل وَاجْتمعَ نوره وَمِنْه التوأم للولدين المجتمعين فِي بطن وَمِنْه الْأُم وَأم الشَّيْء أَصله الَّذِي تفرع مِنْهُ فَهُوَ الْجَامِع لَهُ وَبِه سميت مَكَّة أم الْقرى والفاتحة أم الْقُرْآن واللوح الْمَحْفُوظ أم الْكتاب

قَالَ الْجَوْهَرِي أم الشَّيْء أَصله وَمَكَّة أم الْقرى وَأم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015