جلاء الافهام (صفحة 121)

وَقيل زيدت الْمِيم للتعظيم والتفخيم كزيادتها فِي زرقم لشديد الزرقة وابنم فِي الابْن وَهَذَا القَوْل صَحِيح وَلَكِن يحْتَاج إِلَى تَتِمَّة وقائله لحظ معنى صَحِيحا لَا بُد من بَيَانه وَهُوَ أَن الْمِيم تدل على الْجمع وتقتضيه ومخرجها يَقْتَضِي ذَلِك وَهَذَا مطرد على أصل من أثبت الْمُنَاسبَة بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى كَمَا هُوَ مَذْهَب أساطين الْعَرَبيَّة وَعقد لَهُ أَبُو الْفَتْح بن جني بَابا فِي الخصائص وَذكره عَن سِيبَوَيْهٍ وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بأنواع من تناسب اللَّفْظ وَالْمعْنَى ثمَّ قَالَ وَلَقَد كنت بُرْهَة يرد عليّ اللَّفْظ لَا أعلم مَوْضُوعه وآخذ مَعْنَاهُ من قُوَّة لَفظه ومناسبة تِلْكَ الْحُرُوف لذَلِك الْمَعْنى ثمَّ أكشفه فأجده كَمَا فهمته أَو قَرِيبا مِنْهُ فحكيت لشيخ الْإِسْلَام هَذَا عَن ابْن جني فَقَالَ وَأَنا كثيرا مَا يجْرِي لي ذَلِك ثمَّ ذكر لي فصلا عَظِيم النَّفْع فِي التناسب بَين اللَّفْظ وَالْمعْنَى ومناسبة الحركات لِمَعْنى اللَّفْظ وَأَنَّهُمْ فِي الْغَالِب يجْعَلُونَ الضمة الَّتِي هِيَ أقوى الحركات للمعنى الْأَقْوَى والفتحة الْخَفِيفَة للمعنى الْخَفِيف والمتوسطة للمتوسط فَيَقُولُونَ عزَّ يعَزُّ بِفَتْح الْعين إِذا صلب وَأَرْض عزاز صلبة وَيَقُولُونَ عزَّ يعِزُّ بِكَسْرِهَا إِذا امْتنع والممتنع فَوق الصلب فقد يكون الشَّيْء صلبا وَلَا يمْتَنع على كاسره ثمَّ يَقُولُونَ عزَّه يعُزُّه إِذا غَلبه قَالَ الله تَعَالَى فِي قصَّة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} ص 23 وَالْغَلَبَة أقوى من الِامْتِنَاع إِذْ قد يكون الشَّيْء مُمْتَنعا فِي نَفسه متحصنا من عدوه وَلَا يغلب غَيره فالغالب أقوى من الْمُمْتَنع فَأَعْطوهُ أقوى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015