ويدخل في ميدان هذه الدراسة أيضًا التي بذلها الإنسان لإزالة النبات الطبيعي وإحلال الزراعة أو الرعي أو أي نشاط بشري آخر محلها. فقد غيرت هذه الجهود البشرية من توزيع النبات الطبيعي على سطح الأرض، فلا بد لدارس الجغرافيا النباتية من أن يعنى -إلى جانب دراسة التوزيع الطبيعي للنبات- بالتعديل الذي أدخله الإنسان على هذا التوزيع.

وإذا كان النبات الطبيعي -الذي هو موضوع دراستنا- وليد البيئة الطبيعية فلا بد لدراسة هذا النبات وتوزيعه على سطح الأرض من معرفة شتى عوامل البيئة الطبيعية التي تشكله وتتحكم في توزيعه، وأهم هذه العوامل هي الحرارة والرطوبة والضوء والرياح والهواء والتربة ويمكن أن نطلق عليها جميعًا تعبير "عوامل الحياة النباتية".

والنبات كائن حي يولد ويعيش ويموت، شأنه في ذلك شأن الحيوان والإنسان وهو مثل الحيوان والإنسان أيضًا محتاج دائمًا للغذاء لكي يقيم به بنيانه، بل هو يتخير غذاءه، فإذا كان بعض الحيوان يأكل العشب وبعضه الآخر يأكل اللحم، وإذا كان الإنسان لا يأكل كل شيء بل يختار لنفسه من الأطعمة ما يريد، فكذلك النبات يحب هذا النوع من الغذاء ويكره ذاك. وإذا كان في الحيوان والإنسان ما يألف الحر وما يألف البرد فكذلك النبات. وإذا كانت حياة الحيوان والإنسان مستحيلة بغير هواء فكذلك النبات.

ولكن المشهور أن النبات يحتاج إلى الماء حاجة شديدة تفوق حاجته إلى الأشياء الأخرى، والحقيقة أن الماء بالنسبة للنبات يؤدي غرضين هما الغذاء والارتواء. إذ إن العناصر الغذائية لا يمكن أن تصل إلى جسم النبات إلا مذابة في الماء، فالماء يذيب ما في التربة من عناصر غذائية ثم يسري بها في جسم النبات فيغذيه، وبعد أن يمتص جسم النبات ما في الماء من غذاء يتخلص من الماء نفسه بطريقة البخر لكي يخلي السبيل إلى ماء جديد محمل بالغداء. أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015