فعلم بمجموع هذه الأدلة أن نزول كلام الله على أنبيائه متفق عليه بين الفرق بأسرها، فمنكر ذلك يكون خارقاً للإجماع لا يعتد به، سيما من خرق إجماع الصحابة1 فيما هو من أصول الدين ودعائمه، فإنهم رضوان الله عليهم أجمعوا على ذلك من غير أن يخطر لهم حقيقة أو مجازاً في معنى النزول، فإن هذا الأمر من أهم الأمور في الدين وعليه بنيان قواعد شرائع المسلمين، فلما أهملوا ذلك لم يتعرضوا إليه، دل على اتفاقهم ما قلنا، ولا يمكن إطباق جميع الصحابة وهم نقلة هذا العلم وأصول الدين وأصحاب العربية واللسان والفصاحة على استعمال المجاز في صور لا تعد ولا تحصى، فيصير هذا الإجماع كإجماع المسلمين على أن المدفون بيثرب في الحجرة المحجوج2 محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقاً، وأن الناس بأسرهم إذا وصلوه حيوه وسلموا عليه وتضرعوا بين يديه كأنهم شاهدوه عياناً من غير أن يخطر لهم أن المدفون ثم روحه أم جسده أم المجموع فاحتمال خطران هذا الخاطر لأحد من أصحاب الخيالات الفاسدة لا يقدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015