جزء ابن فيل (صفحة 68)

63- حدثنا الحسن، ثنا الحسين، ثنا ابن المبارك، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَهُ. أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ فِيهِ فِي دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ. قَالَ: سَمِعْتُ عَتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ، حدثني سَالِمٍ يَقُولُ: كُنْتُ أُصَلِّي بِقَوْمِي بَنِي سَالِمٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي، فَلَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مَسْجِدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)) قَالَ: فَغَدَا عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه بعدما اشْتَدَّ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ ((أين تحب أن تصلي من بَيْتِكَ؟)) فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَحْبَبْتُ أن أصلي فيه فقام رسول الله وصففت خلفه، ثم -[90]- سلم فجلسنا عَلَى خَزِيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ فَسَمِعَ بِهِ أَهْلُ الدَّارِ وَهُمْ يَدْعُونَ فَرَآهُمْ أَهْلُ الدَّارِ فَثَابُوا حَتَّى امْتَلأَ الْبَيْتُ فَقَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذَاكَ رَجُلٌ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ((لا تقولن! يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ)) فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَنَرَى وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا: ((لا تَقُولُوا لَهُ. يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ)) .

قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ النَّارَ)) .

-[91]- قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُ يَوْمًا أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ صَاحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزْوَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا مَعَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ. قَالَ: مَا أَظُنُّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا قُلْتَهُ قَطُّ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ. وَجَعَلْتُ لِلَّهِ تَعَالَى إِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ حَتَّى أَقْفِلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُمَا عَتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا، فَأَهْلَلْتُ مِنْ إِيلِيَاءَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بَنِي سَالِمٍ فَإِذَا عَتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ شيخٌ كبير ذَهَبَ بَصَرُهُ وَهُوَ إِمَامُ قَوْمِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ جِئْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَأَخْبَرْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَكِنَّا لا ندري أكان هذا قبل أن تتنزل مُوجِبَاتُ الْفَرَائِضِ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الَّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَائِضَ فِي كِتَابِهِ، فَنَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ قد صار إليها فمن استطاع أن لا يغتر فلا يغتر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015