جزء ابن طبرزد (صفحة 3)

2 - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ , ثنا عَلِيٌّ , نا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوْيٍد , نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , وَنا عَلِيٌّ , نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنَبِيِّ , عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَارِدَةٌ قَامَ مِنْهَا وَقَعَدَ وَتَغَيَّرَ وَتَرَبَّدَ وَجَمَعَ لَهَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِمْ , وَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَقَالُوا جَمِيعًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ الْمُفْزِعُ وَأَنْتَ الْمُنْزِعُ , فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ , فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عِنْدَنَا مِمَّا تَسْأَلُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ أَنَا ابْنُ بَجْدَتِهَا وَأَيْنَ نَجْدَتُهَا وَأَيْنَ مُفْزِعُهَا وَأَيْنَ مُنْزِعُهَا , فَقَالُوا: كَأَنَّكَ تَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ هُوَ وَهَلْ طَفَحَتْ حَرَّةٌ بِمِثْلِهِ وَابْنُ عَمِّهِ انْهَضُوا بِنَا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ابْعَثْ إِلَيْهِ يَأْتِكَ، قَالَ: هَيْهَاتَ هُنَاكُ شُجْنَةٌ مِنْ هَاشِمٍ وَلَحْمَةٌ مِنَ الرَّسُولِ وَأَثَرَةٌ مِنْ عِلْمٍ يُؤْتَى لَهَا وَلا تَأْتِي , فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحُكْمُ فَأَعْطِفُوا نَحْوَهُ.

فَأَلْفَوْهُ فِي حَائِطٍ لَهُ يُعَالِجُ فَسِيلا لَهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ قَدْ رَضِفَ أَرْدَانَهُ وَبِيَدِهِ مِسْحَاةٌ يَبْرِكُ عَلَيْهِ بِرِجْلِهِ , وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36] .

وَيُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي , فَسَمِعَ الْقَوْمُ بُكَاءَهُ فَبَكَوْا لِبُكَائِهِ فَلَمَّا سَمِعَ بُكَاءَهُمْ فَتَحَ لَهُمُ الْبَابَ فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِشُرَيْحٍ: حَدِّثْ أَبَا حَسَنٍ بِالَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ , فَقَالَ شُرَيْحٌ: نَعَمْ كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَأَتَانِي هَذَا الرَّجُلُ فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلا أَوْدَعَهُ امْرَأَتَيْنِ حُرَّةً مَهِيرَةً وَأُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَقْدَمَ , فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَضَعَتَا جَمِيعًا إِحْدَاهُمَا ابْنًا وَالأُخْرَى بِنْتًا وَكِلْتَاهُمَا تَدَّعِي الابْنَ وَتَنْتَفِي مِنَ الْبِنْتِ مِنْ أَجْلِ الْمِيرَاثِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: بِمَ قَضَيْتَ بَيْنَهُمَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الأَبْطَرُ؟ فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: لَوْ كَانَ عِنْدِي مَا أَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا لَمْ آتِكُمْ بِهِمَا , قَالَ: فَأَخَذَ عَلِيٌّ تَبِنَةً مِنَ الأَرْضِ فَرَفَعَهَا فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ الْقَضَاءَ فِي هَذَا أَيْسَرُ مِنْ هَذِهِ.

ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فَقَالَ لإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ: احْلِبِي.

فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَلَمَّا عَرَفَ وَزْنَهُ أَهْرَاقَهُ , ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى احْلِبِي فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَوَجَدَهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الأُولَى , فَقَالَ لَهَا: خُذِي أَنْتِ ابْنَتَكِ.

وَقَالَ لِلأُولَى: خُذِي أَنْتِ ابْنَكِ.

ثُمَّ قَالَ لِشُرَيْحٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الْغُلامِ , وَأَنَّ مِيرَاثَهَا نِصْفُ مِيرَاثِهِ وَأَنَّ عَقْلَهَا نِصْفُ عَقْلِهِ وَأَنَّ شَهَادَتَهَا نِصْفُ شَهَادَتِهِ وَأَّن دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَى النِّصِفْ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

قَالَ: فَأُعْجِبَ بِهِ عُمَرُ إِعْجَابًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: أَبَا حَسَنٍ لا أَبْقَانِي اللَّهِ لِشَدِيدَةٍ لَسْتَ لَهَا وَلا فِي بَلَدٍ لَسْتَ فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015