_____
الصفحة 2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ[عمود:1]ـ
بقلم الأستاذ الزاهري العضو الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
كنا جماعة من الناس يوفى عددها على العشرين, وكنت أنا أتحدث إليهم عن رجل كنت عرفته منذ ثلاث عشرة سنة في بلدة (البهيمة) من بلاد سوف كان طرقيا متعصبا ثم تاب وأصلح ولم يعد يؤمن بخرافة ولا طريق وكانت بيني وبينه معرفة وصحبة. وهو حينما كان طرقيا كان لا يفرح بانتشار الإسلام كما يفرح بانتشار الطريقة التي ينتسب إليها, فإذا سمع برجل دخل دين الله سأل عنه هل اعتنق ((طريقته)) أم لا فإذا لم يعتنقها تثاقل وتصامم, وإذا سمع أن مسلما اعتنق الطريقة التي يعتنقها هو اهتز طربا, وكاد يطير من شدة الفرح والسرور, وإذا نزل بالإسلام أي مكروه تصامم صاحبنا كأن الأمر لا يعنيه ولا يعني دينه, أما إذا أصابت ((طريقته)) مصيبة ما اغتم لها واهتم.
وقلت لهم إن هذا الرجل كان مضى ذات يوم إلى بلدة (كوينين) لبعض شأنه وهو لا يزال يومئذ طرقيا فاجتمع عند ((قائدها)) بطالب من طلبة العلم وكان ((القائد)) لا ينتسب إلى الطريقة التي ينتسب إليها صاحبنا, بل كان رجلا
ـ[عمود2]ـ
مصلحا لا تشوب عقيدته شائبة من شوائب الشرك والضلال وظن الرجل بالطالب سوء الظن فكرهه واجتواه واحتقره وازدراه, لا لشيء سوى أنه (فيما ظن) يخالفه في الطريق وليس ((أخاه من الشيخ)) ولما رجع إلى البهيمة جعل ينتقد الطالب وينكر عليه ويقول عنه أنه ليس من أصحاب ((التحصيل)) وأن نصيبه في العلم تافه قليل وأنه ((مدمن على شرب الدخان)) وكنت أنا أنهاه عن هذا الغلو في الإنكار فلم يكن يحفل بما أقول, وما هي إلا أن مضى علينا شهر واحد حتى كان عيد الأضحى, فزار صاحبنا ((الزاوية)) التي ينتسب إليها بمناسبة هذا العيد فيمن زارها من الأتباع والمريدين, فلقي فيها ذلك (الطالب) بعينه وقد صار أستاذا يعلم أبناء الزاوية ويلقي فيها على الناس بعض الدروس فرجع الرجل يمدح هذا الطالب ويطريه ويبالغ في المدح والإطراء وقال لي: لقد حضرت أنا نفسي على هذا (الشيخ) درسا في التوحيد يلقيه على (أسيادنا) فظننت أن الإمام الأشعري هو الذي يلقي هذا الدرس علينا, فقلت لقد أصبح الطالب في
_…_…_…_…_…_…_…_
ـ[أسفل الصفحة بين عمود 1 - 2]ـ
الجمعية من وعظ العامة وإرشادهم في المساجد, وأي مساعدة والحكومة قد أغلقت مكاتب وامتنعت من الترخيص في مكاتب أخرى لمجرد انتماء المعلمين أو الطالبين للتعليم للجمعية فمن الأولى مدرسة سيق ومدرسة بلعباس ومدرسة قمار ومن الثانية مدرسة القنطرة. هذا هو الواقع مع الأسف الشديد, ولكن من الحق الذي يجب أن نقوله وأن نتسلى به أنه ليس كل واحد من رجال الحكومة راضيا بهذه المعاكسة التي لا مبرر لها والتي هي ضد لجمعية إصلاحية تهذيبية عن الإصلاح والتهذيب. وأما ترخيص الحكومة للجمعية فالفضل في ذلك للقانون الفرنسي الحكيم ولولا ثقتنا بذلك القانون والرجال العظام الساهرين على تنفيذه ما كان لنا أن نصدع بهذه الحقائق التي يريد النائب غراب وملقنوه تغطيتها. لها بقية
ـ[عن الجمعية الرئيس: عبد الحميد بن باديس]ـ
ـ[عمود3]ـ
نظرك شيخا نظير الإمام الأشعري ولكن في أي مسألة من مسائل التوحيد كان درس هذا الشيخ؟ قال كان في مسألة (كرامات الأولياء) وقد ذكر من كرامات شيخنا أكثر من مائة وخمسين كرامة!! فقلت له: يا فلان هل نسيت ما كنت تقوله يوم لقيت هذا الطالب في كوينين من أنه قليل العلم مدمن على التدخين فقال: أما ما قلته عنه من قلة العلم فقد كنت مخطئا فيه, واليوم تبين لي أنه غزير العلم وحسبك أنه أستاذ لأسيادنا وأما أنه مدمن على شرب الدخان فهذا أمر لا بأس به, لأن أسيادنا هم أنفسهم يدخنون ويدمنون على التدخين ويدمنون على ما هو أكثر من الدخان أيضا, قلت: وما هذا الذي هو أكثر من شرب الدخان؟ قال: إنهم يدمنون على التدخين وشرب الخمور وعلى بعض المخدرات السامة الأخرى من غير أن يقدح ذلك في مروءتهم أو في دينهم!! قلت: إن المدمنين على هذه الآفات هم ممن لا مروءة لهم ولا دين, قال لا يقول كلامك هذا إلا من كان ((مسلوبا من الإيمان)) قلت: ويحك, فهل تعتقد أن تعاطي الخمور والمخدرات هو أمر مباح؟ قال: لا, ولكني أعتقد أن الإنكار على ((أسيادنا)) لا يجوز مهما ارتكبوا من الكبائر والموبقات, قلت: وهل ((أسيادك)) هم فوق الشرع الشريف حتى لا تنالهم أحكامه؟ قال دعنا من هذا الكلام. وذكرت لهم أن هذا الرجل قد تاب وأصلح, وأصبح لا يؤمن بسيادة هؤلاء بل يسمي محسنهم محسنا ومسيئهم مسيئا وأصبح لا يشرك بالله شيئا لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا وليا صالحا وقد لقيته أخيرا فإذا هو من المصلحين وقد حدثني عن نفسه كثيرا, وكان إذا ذكر الأيام التي كان فيها طرقيا وصفها بأنها أيام