ولرسالته ودعوته، لما اختاره الله من ولد إسماعيل غاظهم ذلك وحسدوه وجحدوا حقيقة ما جاء به، أنكروا رسالته مع علمهم بصدقه وأمانته، لكنهم جحدوا ذلك حسدا وعدوانا {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (?) ، أيدوا أعداءه، وحزبوا الأحزاب ضد دعوته، وما زال الله يؤيده ويظهره عليهم حتى اقتلع جذورهم من جزيرة العرب بفضل الله وكرمه، ولم تزل عداوة اليهود لهذا الدين وأتباعه إلى قيام الساعة.

[بيان خطر اليهود على الإسلام والمسلمين، وأنهم وراء كل فتنة وإجرام وفساد]

إن كل بلاء بالأمة من فتنة في الدين والدنيا فاليهود من ورائه، فهم أنصار الفساد وأعوان الإجرام {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (?) ، أنهم أعداء وحدتكم، وأعداء أخوتكم، وأعداء اجتماعكم، أنهم يحاولون تفريق شملكم، وتشتيت كلمتكم، وتفريق صفكم، وجعلكم أحزابا وشيعة، حتى تكون لهم الهيمنة عليكم، فاحذروا كيدهم يا عباد الله، واحذروا مكرهم وخداعهم وخيانتهم، خذوا حذركم من أعدائكم {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (?) الآية.

أمة الإسلام، إن حبرا من أحبار اليهود مر بالأوس والخزرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرأى ما بينهم من ألفة وأخوة ومحبة، فأمر رجلا من قومهم أن يحضر مجالسهم ويذكرهم ما كانوا عليه قبل الإسلام من تلكم الحروب الطاحنة التي مزقت هذا الحي، فما زال ذلك اليهودي يلقي إليهم ما قيل في حرب بعاث، ويحاول تفريق كلمتهم، حتى كادوا أن يقتتلوا، فجاء رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015