الدين، وأتم به النعمة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانقادت كل الجزيرة إلى شرع الله ودينه، وطهرت من كل الوثنية، اختاره الله إلى جواره بعدما أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، وجاهد في الله حق جهاده، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.
[قام أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده بحمل أمانة الدعوة إلى التوحيد، وإنقاذ الناس من ظلمات الجهل والضلال]
قام أصحابه -صلى الله عليه وسلم- بعده فحملوا تلكم الأمانة العظمى، خرجوا من جزيرة العرب بهذا الدين القيم ليهدوا البشرية، ويخلصوها من ظلمات الجهل والضلال، وينيروا القلوب، ويفتحوا البصائر، خرجوا بهذا الدين، لم يخرجوا ليستعبدوا الخلق، ولا لينهبوا خيراتهم، وإنما خرجوا لينيروا القلوب والبلاد، ليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ليخلصوهم من الظلم والجور، إلى العدل والهدى والإحسان، خرجوا بدين الله كما تلقوه عن الله بواسطة محمد -صلى الله عليه وسلم-، خرجوا بهذا الدين الناصع بغير غلو ولا جفاء، من غير إفراط ولا تفريط، عرضوا محاسن هذا الدين وعرضوا فضائله، وكانوا أسبق الناس للعمل بمقتضاه وما دل عليه، خرجوا بهذا الدين وقالوا لكل من واجههم: نحن كنا أمة نعبد الأصنام، وكنا في غاية الذل والضعف، وفي غاية الهوان حتى أنقذنا الله بهذا الإسلام، فنريد أن نحرركم، ونريد أن نهديكم كما هدانا الله، ونريد أن نرفع شأنكم كما رفعنا الله بهذا الدين، خرجوا بهذا الدين بتعاليمه السامية، ومبادئه القيمة، فعند ذلك قبلته البشرية، ومن عارض هذا الدين طلبوا منهم تسليم الجزية، ومن قاومهم قاوموه، حتى أوصلوا هذا الدين لعباد الله، وحتى أناروا قلوب العباد، وحتى هدوا البشرية، فلما رأت الخليقة هذا الدين ومبادئه وفضائله