الحمد قويا عزيزا، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك (?) » وما دام هذا البيت يطاف به، فإن العالم في أمان من الكوارث {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} (?) .
“ ذكر صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم “
أمة الإسلام، حج نبيكم -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة بعد الهجرة، سماها "حجة الوداع"، ودع فيها الناس، وأخبرهم أنه لا يلقاهم بعد عامه هذا، وقال لهم: «خذوا عني مناسككم (?) » قالها بعد كل قول قاله أو عمل عمله، خرج -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى بطن هذا الوادي، فخطب فيه خطبة قليلة الألفاظ كبيرة المعاني؛ لأن الله أعطاه جوامع الكلم، جاء فيها: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى