استشهدهم على إبلاغ رسالة الله وشرعه قائلا لهم: «ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ " فقال الصحابة بأجمعهم: نشهد أنك بلغت ونصحت وأديت، فرفع أصبعه إلى السماء ونكتها إلى الناس وقال: " اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد (?) » يستشهد الناس أنه بلغهم رسالة الله، وهو الذي قضى فيهم ثلاثة وعشرين عاما يدعوهم إلى الله، ويبين دين الله، ويبلغ رسالته، ويجاهد في سبيله، فما أعظمها من شهادة! وما أشرفها من مشهود بها! وما أعظمه من مشهود له! إن كل مسلم حقا يشهد له بكمال البلاغ، وأنه أدى الأمانة، ويبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصل يا رب وسلم عليه تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
صلى الظهر والعصر بعرفة جمعا جمع تقديم وقصرا، ثم وقف بعرفة حتى غربت الشمس وقال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف (?) » وقال: «وارفعوا عن بطن عرنة (?) » بقي فيها حتى غربت الشمس وتأكد من غروبها، ثم انصرف إلى مزدلفة وهو يأمر أصحابه بلزوم السكينة والوقار في سيرهم، صلى بمزدلفة المغرب والعشاء جمع تقديم، وبات بها، وأذن للضعفة أن ينصرفوا قبل الفجر، وبقي هو -صلى الله عليه وسلم- إلى أن صلى بمزدلفة الفجر، ثم ذكر الله عند المشعر الحرام، ثم أتى منى فرمى جمرة العقبة، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف طواف الإفاضة ولم يسع؛ لأنه سعى مع طواف القدوم، فهذا هديه صلى الله عليه وسلم.
“ أعمال الحج يوم عرفة وما بعدها من الأيام “
فيا حجاج بيت الله الحرام، ابقوا بعرفة حتى تغرب الشمس، ولا يحل لكم الانصراف إلا بعد غروب الشمس، باتوا بمزدلفة، صلوا بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم لكم أن تدفعوا منها بعد نصف الليل، لا سيما العجزة من النساء، ومن