- صلى الله عليه وسلم - يقول: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»: يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لست ممن يصنعه خيلاء». أخرجه البخاري وغيره كأحمد، وزاد في رواية: «يسترخي أحيانا»، وكذلك رواه البيهقي في «شعب الإيمان» «2/ 221 / 2».
قلت: فالحديث صريح في أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يطيل ثوبه، بل فيه أنه كان يسترخي بغير قصد منه، وأنه كان مع ذلك يتعاهده، فيسترخي على الرغم من ذلك أحيانا. قال الحافظ «10/ 217» عقب رواية أحمد: «فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره، فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي، لأنه كلما كاد يسترخي شده». ثم ذكر أن في بعض الروايات أنه كان نحيفا. قلت: فهل يجوز الاستدلال بهذا والفرق ظاهر كالشمس بين ما كان يقع من أبي بكر بغير قصد، وبين من يجعل ثوبه مسبلا دائما قصدا! نسأل الله العصمة من الهوى.
وإنما تكلمت عن إطالة البنطلون والسروال، لطرو هذه الشبهة على بعض الشباب، وأما إطالة بعض المشايخ أذيال جببهم خاصة في مصر، وإطالة الأمراء في بعض البلاد العربية لأعبئتهم فأمر ظاهر نكارته. نسأل الله السلامة والهداية. كتبت هذا لعل فيمن طرأت عليه الشبهة السابقة كان مخلصا، فحينما تتجلى له الحقيقة يبادر إلى الانتهاء عن تلك الآفة كما انتهى ذلك الشاب الذي كان عليه حلة صنعانية يجرها سبلا. فقال له ابن عمر رضي الله عنه: يا فتى هلم! قال: ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: ويحك أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة؟ قال: سبحان الله! وما يمنعني أن لا أحب ذلك؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا ينظر الله ... ». فلم ير ذلك الشاب إلا مشمرا حتى مات. رواه البيهقي بسند صحيح، ورواه أحمد
«2/ 65» من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه دون قوله: «فلم ير .... ».
السلسلة الصحيحة (6/ 1/ 408 - 411).