أما من حيث الفتوى فهي مثلاً تجوز، لكن من حيث التقوى لا تجوز، كيف؟ هذا حكم متناقل يجوز ولا يجوز، يجوز لعامة الناس، لا يجوز لخاصة الناس. مثلاً: الساعة المطلية بالذهب كثيراً ما نسأل: هل يجوز استعمالها؟ هل يجوز لباسها؟ نقول: فيها قولان: فتوى وتقوى، الفتوى يجوز والتقوى لا يجوز. ماذا يترتب من وراء هذا؟ يترتب من وراء هذا التفصيل الثاني، فتوى يجوز؛ لأن هذا ليس سوار ذهب والساعة ليست ساعة ذهب حتى تحرم على الرجال، ولكن هي ساعة مطلية بالذهب كذلك السوار سوار مطلي بالذهب، فمن حيث أنه ليس هذا وهذا ذهباً فهو يجوز، لكن من حيث أن ظاهره ذهب فهذا سيفتح سوء الظن من الناس فيك أيها المسلم، فإذاً يأتي هنا قوله عليه السلام السابق: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
حينما تترك هذا الشيء تستريح من سوء الظن من الناس بك، وتستريح من مناقشتهم إياك وردك عليهم وقد تنجح وقد لا تنجح. فإذا ما خلوت بينك وبين ربك واستعملت هذا الشيء مثلاً فلا إثم عليك، لماذا؟ لأنه السبب الذي قلنا عنه أنه ينبغي أن تجتنبه سبب يتعلق بغيرك وهنا لم يوجد، هذا مثال. في العصر؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: إن شاء الله. مثال آخر: هذه المعلبات التي طغت في الأسواق ولا يعرف الناس هل هي يعني ذبحية أم قتيلة، فهنا يأتي الإثم ما حاك في النفس، فتدعه بينك وبين ربك من باب الحيطة والاحتياط لدينك: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وعلى ذلك فقس.
ونقول عطفاً على كلام سبق لك أن وجهته سؤالاً إلي وبدأت أن أجيب عنه: أن أحدنا اليوم كأنه يتساءل: هل نحن فينا شعبة من النفاق حينما نكون خارج الدائرة والوظيفة نتعرض ونلبس اللباس الإسلامي، وحينما نكون في الوظيفة نتفرنج أي: نلبس اللباس الإفرنجي. هذا سؤال مهم جداً، هل هذا نوع من النفاق؟ بلا شك هذا نوع من النفاق، لكن النفاق مراتب ومراتب كثيرة وكثيرة جداً، لذلك كنت بدأت أن أخوض معك أنه ماذا عليك لو أنك تركت هذا النفاق الذي أنا أسميه