يرفعون أصواتهم بتلاوة القرآن، فقال: يا أيها الناس! كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين» إذاً: نهاهم عن أن يؤذوا برفع صوتهم بتلاوة كلام الله فتؤذوا المؤمنين، من هؤلاء المؤمنين؟ هم الذين يشاركون هؤلاء الجاهرين بتلاوة القرآن بالجلوس في المسجد وكل واحد له غاية في جلوسه، إما أن يذكر الله سراً؛ وذلك أفضل الذكر، وإما أن يدرس مع بعض إخوانه فقه .. علم .. حديث .. فيشوش عليه أولئك الجاهرون بالقرآن فيتأذون بالجهر فنهاهم الرسول عليه السلام عن مثل هذا الإيذاء.
فإذا كان الشارع الحكيم نهى عن مثل هذا الإيذاء ومن ألطفه من إيذاء بإسماعهم لكلام الله عز وجل مع ذلك ما دام اقترن به إيذاء لم يجز أن ترفع صوتك بكلام الله عز وجل قرآن، هذا شيء لطيف جداً يمكن المسلم المتجرد عن الهوى أولاً وعن العصبية العلمية ثانياً أن يقنع بأن الدخان هذا لو لم يكن فيه إلا إيذاء من حوله من الجالسين ولا أقول: من المصلين؛ لأننا حينما نقوم في الصف ويأتينا رجل شرب دخان نكاد نقطع الصلاة من رائحته الكريهة، فهو يؤذينا ونحن نصلي .. ونحن نناجي ربنا عز وجل في الصلاة، هذا أشد إيذاءً من إيذاء أولئك لرفع الصوت بالقرآن.
ثم يضاف إلى هذا الأحاديث التي جاءت لتصرح بالنسبة لآكل الثوم والبصل مع أن الثوم والبصل من البقول التي فيها فائدة للجسم وربما تستخلص منهما خلاصات تدخل في بعض المعالجات في بعض الأدوية، مع ذلك قال عليه الصلاة والسلام: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» إذاً: الرائحة الكريهة لا تؤذي الإنس المؤمنين فقط بل والملائكة أيضاً وهذا ما لا يخطر في بال الشاربين للدخان، أكثر من هذا جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد يوماً فشم من أحدهم رائحة الثوم أو البصل فأمر بإخراجه من المسجد إلى البقيع .. إلى المقبرة كأنه يشير إلى أن هذا الذي يؤذي إخوانه المسلمين وفي بيت من بيوت الله فلا يحق ولا يستحق أن يعيش مع