النهي عن الشرب من كسر القدح

عن أبي هريرة قال: «نُهي أن يشرب من كسر القدح».

[قال الإمام]: قال ابن الأثير: «أي موضع الكسر منه، وإنما نهى عنه لأنه لا يتماسك فم الشارب عليها، وربما انصب الماء على ثوبه ويديه. وقيل: لأن موضعها لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء، وقد جاء في لفظ الحديث أنه مقعد الشيطان، ولعله أراد به عدم النظافة».

قلت: ولعل هذا المعنى الأخير أولى، لأن المعنى الأول إنما يظهر إذا كانت الثلمة كبيرة، وحينئذ ففيه تحديد لمعنى «الثلمة» فيه، وهو غير مناسب لإطلاقها بخلاف المعنى الآخر، فإن الإطلاق المذكور يناسبه، فقد ثبت الآن مجهريا أن الثلمة - صغيرة كانت أم كبيرة - مجمع الجراثيم والمكروبات الضارة، وأن غسل الإناء الغسل المعتاد لا يطهرها، بل إنه قد يزيد فيها، فنهى الشارع الحكيم عن الشرب منها خشية أن يتسرب معه بعضها إلى جوف الشارب فيتأذى بها. فالنهي طبي دقيق. والله أعلم. وأما اللفظ الذي ذكره ابن الأثير: «مقعد الشيطان» فلم أقف عليه إلا بلفظ: «فإن الشيطان يشرب من ذلك» وهو مخرج في «الضعيفة» «654».

السلسلة الصحيحة (6/ 1/ 426 - 427).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015