وخنازير إلى يوم القيامة».

[قال الإمام]: ذكر الإمام من فوائد الحديث:

تحريم الخمر، وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين والحمد لله، غير أن طائفة منهم - وفيهم بعض المتبوعين - خصوا التحريم بما كان من عصير العنب خاصة! وأما ما سوى ذلك من المشروبات المسكرة، مثل «السكر» وهو نقيع التمر إذا غلى بغير طبخ، و «الجعة» وهو نبيذ الشعير، و «السكركة» وهو خمر الحبشة من الذرة، فذلك كله حلال عندهم إلا المقدار الذي يسكر منه، وأما القليل منه فحلال! بخلاف خمر العنب فقليله ككثيره في التحريم. وهذا التفريق مع مصادمته للنصوص القاطعة في تحريم كل مسكر، كقول عمر رضي الله عنه: «نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة أشياء من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل» وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».

وقوله: «ما أسكر كثيره فقليله حرام».

أقول: هذا التفريق مع مصادمته لهذه النصوص وغيرها، فهو مخالف للقياس الصحيح والنظر الرجيح، إن أي فرق بين تحريم القليل الذي لا يسكر من خمر العنب المسكر كثيره، وبين تحليل القليل الذي لا يسكر من خمر الذرة المسكر؟ ! وهل حرم القليل إلا لأنه ذريعة إلى الكثير المسكر، فكيف يحلل هذا ويحرم ذاك والعلة واحدة؟ ! تالله إن هذا من الغرائب التي لا تكاد تصدق نسبتها إلى أحد من أهل العلم لولا صحة ذلك عنهم، وأعجب منه الذي تبنى القول به هو من المشهورين بأنه من أهل القياس والرأي! ! قال ابن القيم في «تهذيب السنن» «5/ 263» بعد أن ساق بعض النصوص المذكورة: «فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن وخوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمرا بالقياس، مع كثرة النزاع فيه. فإذ قد ثبت تسميتها خمرا نصا فتناول لفظ النصوص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015