وأن الذي يصوم رمضان في غير شهر رمضان فهو أيضًا صيامه لا يقع لا فرضًا ولا نفلًا؛ لأن شهر رمضان هو الشهر الذي فرضه الله عز وجل على الناس أن يصام، فمن صام شهر رمضان في شوال أو في غيره من أشهر السنة فقد شرع من عند نفسه شريعة ما أنزل الله بها من سلطان، فهو بديل أن يتوب إلى الله عز وجل من الذنوب كلها إذا به هو يعود إلى ذنب آخر لعله شر من الذنب السابق؛ لأن الذي لم يصم شهر رمضان فهو عاصي، أما الذي يشرع شيئاً ما شرعه الله عز وجل فهو شرك، كما قال عز وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ولذلك فمن فاته شهر من رمضان أو شهور من رمضانات فلا سبيل إلى قضاءها إلا أن كان لمرض أو [لسفر].

أما والبحث أنه كان جانيًا على نفسه كان غير مبال بمصيره ثم تاب إلى الله عز وجل وأناب فحينئذ من تمام التوبة أن يكثر من الأعمال الصالحة، كما قال تعالى: {لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] أي: استمر على هذا الهدى الذي آب إليه أخيرًا، كذلك الذي كان قد فاتته صلوات كثيرات فليس بإمكانه أن يقضيها فما فات فات، وما هو آت آت، ولكن قلنا بأنه قد فاته أجر هذه الصلوات فعليه أن يعوض ما فاته بالإكثار من النوافل، وهذا مما جاء به حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: «أول ما يحاسب العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح وأنجح، وإن نقصت فقد خاب وخسر» وقال عليه السلام في حديث آخر: «فإن نقصت قال الله عز وجل لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع فتتم له به فريضته».

فإذا كان المسلم قد أصابه نقص في صلاته سواء كان هذا النقص كمًا أو كيفًا، كمًا، أي: فاتته بعض الصلوات وضاعت عليه أو ما فاته شيء من الصلوات ولكنه هو لا يحسن الصلاة، لا يحسن أداءها على الصفة التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكون صلاته والحالة هذه ناقصة، فلكي يعوض هذا النقص الكيفي أو ذاك النقص الكمي يجب أن يكثر من النوافل، أن يكثر من الصيام غير شهر رمضان بعد أن تاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015