الشيخ: دون الصيام طبعاً، فحينئذٍ لا مانع بل يحسن أن يراعي في ذلك مصلحة الفقير، كما أنه لا بد أن يراعي قدرته هو، فقد يستطيع مثلاً الكسوة ولا يستطيع الإطعام، وقد يستطيع أحدهما ولا يستطيع العتق كما هو الواقع اليوم، فإذا كان مستطيعاً لهذه الأنواع الثلاثة كلها حينئذٍ يختار ما هو الأنفع للفقير.
(الهدى والنور /804/ 51: 18: 00)
مداخلة: إنسان عليه أيمان كثيرة تعد بالآلاف وما كفر، فالآن تاب إلى الله، فماذا يفعل؟
الشيخ: لابد أن يقرن مع توبته العمل الصالح، والعمل الصالح ينقسم إلى قسمين: فرض ونفل، الفرض: هو أن يؤدي كفارة الأيمان التي ترتبت عليه على ذاك الزمان المديد الطويل، وقد يقول قائل: إنها من الكثرة بحيث أنه لا يمكن إحصاؤها، أو إنها من الكثرة بالنسبة إليه أنه لا يمكنه أن يؤدي هذه الكفارات؛ لأنه فقير أو متوسط الحال، الجواب: أن يقف دائماً مع قوله تعالى في هذه القضية أو في غيرها: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، ومع قول الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يؤكد هذا النص القرآني في قوله المعروف في الصحيح: «ما أمرتكم من شيء فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه»، فهناك فرق بين الأمر وبين النهي، الأمر يتطلب عملاً إيجابياً، النهي لا يتطلب عملاً إيجابياً، بل أن تقف ولا تأتي بهذا الأمر المنهي عنه، ولذلك ففرق الشارع الحكيم بحكمته البالغة بين ما أمر وبين ما نهى، فالأوامر يجب القيام بها في حدود الاستطاعة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، والمثل المعروف جداً عند جميع الناس أن من أركان الإسلام الخمسة الحج إلى بيت الله الحرام، مع أنه ركن فالله عز وجل قيده بالاستطاعة، فقال عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، على هذا الأسلوب وعلى هذا النظام، يجب على المسلم أن يقوم