رفع الصوت فكل ذكر شرع فالمشروع معه الإسرار إلا ما استثني مثل مثلاً التلبية في الحج والعمرة، هذه التلبية يشرع فيها رفع الصوت وهذا ثبت في السنة قولاً وعملاً، أما القول فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن أفضل الحج قال: «العج والثج» العج: هو رفع الصوت بالتلبية هذا أفضل أعمال الحج يقول الرسول عليه السلام، والثج: هو الذبح.
هذا من حيث القول، من حيث الفعل: جاء عن الصحابة أنهم لما خرجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة وأحرموا بالحج عند ذي الحليفة فكانوا يلبون حتى إذا ما وصلوا إلى مكان اسمه الروحاء بحت أصواتهم فهذا مشروع مع كون شرعية رفع الصوت بالتلبية فهو ليس جماعياً وإنما كل واحد يلبي لا يقرن صوته مع صوت صاحبه ولا لفظه أو عبارته مع لفظ صاحبه وعبارته، لكن الذي يكون عملياً قد يلتقي بعضه مع بعض أحياناً في الكلمة وقد يفترقون هذا هو المشروع.
أما بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب فأولاً: هذا الرفع لا يشرع، ثم إن شرع أو بدا لبعضهم أنه مشروع فلا يربط نفسه مع صاحبه؛ لأن هذا ليس من السنة من جهة، ومن جهة أخرى فليترتب من وراء الاتحاد في رفع الصوت مفاسد معنوية؛ لأن الإنسان يختلف طول نفسه عن غيره، فمنهم من نفسه طويل ومنهم من نفسه قصير، ونحن كنا نلاحظ في الشام أن بعضهم على الأقل عندما ينتهوا من التهليلة الأولى لا يأخذون نفس لعجلتهم فيصلونها بالتهليلة الثانية، فالذي كنا نسمعه أن بعضهم وصل فعندما وصل عند لا إله الثانية انقطع صوته عند لا إله فوقع في الإشكال المعنوي حيث كفر لفظاً، والكفر اللفظي صحيح أنه لا يخرج صاحبه من الملة ولكنه لا يجوز أن يتكلم بمثل هذه الكلمة الموهمة للكفر.
وكما يقول العلماء: ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، كذلك: ما يقوم به المنكر فهو منكر .. ما يقوم به الحرام فهو حرام، فما الذي أدى إلى هذه الكفرية أن يأخذ النفس عند قوله: لا إله؟ هو كونه رابط حاله بصاحبه، طيب! صاحبه نفسه