الحديث على إطلاقه ولم يأخذ من لحيته شيئًا أم أخذ منها شيئًا دون تحديد الآن؟ هذه الحقيقة الأولى: وهي ابن عمر سمع هذا الحديث ورأى الرسول الذي تحدث بهذا الحديث.
الحقيقة الثانية: هي أن ابن عمر رضي الله عنه كان أشد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قاطبًة وأحرصهم جميعًا على اتباع الرسول عليه السلام .. اتباعه في سنته إلى درجة فوق ما يقول أهل العلم إنه من السنة، إي: إن أهل العلم يقسمون سنة الرسول عليه السلام إلى سنة عبادة وسنة عادة، سنة العبادة هي التي نحن مأمورون بالاقتداء بالرسول عليه السلام فيها ونثاب على هذه القدوة، أما سنة العادة فهي عادة لا يترتب من وراء فعلها أو تركها شيء إطلاقًا.
ابن عمر الحريص على اتباع الرسول عليه السلام كان يتبعه حتى في سنن العادة، ولعلكم تعلمون بعض الأمثلة التي تروى عنه في كتاب الترغيب للمنذري ومجمع الزوائد للهيثمي وغيرهما.
الآن: إعفاء اللحية هل هو من سنن العبادة أم من سنن العادة؟ لا شك أنها من سنن العبادة، لماذا؟ لما سبق ذكره من الحديث أولًا، وبخاصة أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة: «وخالفوا اليهود والنصارى» في رواية: «وخالفوا المجوس» والحديث الآخر في صحيح مسلم: «عشر من الفطرة - ذكر منها - قص الشارب وإعفاء اللحية» فإذًا: إعفاء اللحية سنة عبادة وليس سنة عادة.
الآن نعود لنقول: ترى! ابن عمر رضي الله عنهما المعروف مغالاته في اتباع الرسول عليه السلام حتى في سنن العادة، هل يعقل أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ولا قيد شعرة كما يقال، ثم هو يأخذ منها ما دون القبضة؟ ! أنا أعتبر القول: بأن نعم هذا يمكن هذا قريب من المستحيل، إلا أن ننسب ابن عمر إلى أنه كان لا يهتم باتباع سنة الرسول عليه السلام وهذا خلاف مقطوع به عند جميع علماء المسلمين.