ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا».
قال: فانطلق عمر - فلم يصبر متغيظا - فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا.
قال: فنزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بـ «الفتح» فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال: «نعم» فطابت نفسه ورجع.
أخرجه البخاري «3182 - فتح» ومسلم 5/ 175 - 176 والسياق له وأحمد 3/ 486 وفي رواية لهما عنه: أيها الناس اتهموا رأيكم.
وهي لسعيد بن منصور 3/ 2 / 374 وابن أبي شيبة 15/ 299.
قال الحافظ 13/ 288: كأنه قال: اتهموا الرأي إذا خالف السنة كما وقع لنا حيث أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتحلل فأحببنا الاستمرار على الإحرام وأردنا القتال لنكمل نسكنا ونقهر عدونا وخفي علينا ما ظهر للنبي - صلى الله عليه وسلم - مما حدث عقباه.
وأروع مثال مر بي في سيرة أصحابه - صلى الله عليه وسلم - الدالة على إيثارهم طاعته ولو كان ذلك مخالفا لهواهم ومصلحتهم الشخصية قول ظهير بن رافع قال:
صحيح نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لنا نافعا وطواعية الله ورسوله أنفع لنا نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى.
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في الإرواء 5/ 299.
لقد ذكرتني هذه الطواعية بتلك المطاوعة التي تعجب منها مؤمنو الجن حينما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يستمعون إلى قراءته في صلاة الفجر المشار إليها في أول سورة الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فأروا أصحابه - صلى الله عليه وسلم - يصلون بصلاته يركعون