الأحاديث الصحيحة في تحريم الغناء وآلات الطرب

اعلم أخي المسلم أن الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جدا فقد جاوز عددها العشرة عند ابن حزم وابن القيم، فهي من الكثرة أن مجموعها يدل الواقف عليها على أن مضمونها الذي اتفقت عليه متونها وهو التحريم ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - يقينا، حتى ولو فرض أن إسناد كل فرد منها معلول كما زعم ابن حزم وذلك بحكم القاعدة المتفق عليها عند المحدثين والعلماء: أن الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق كما هو مفصل في علم مصطلح الحديث، وبها قوى الحافظ ابن حجر وغيره حديث «الأذنان من الرأس» في كتابه القيم النكت على ابن الصلاح، وقد ساقه فيه عن أربعة من الصحابة وبين عللها 1/ 410 - 415، ثم ختمها بقوله:

«وإذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أن للحديث أصلا وإنه ليس مما يطرح وقد حسنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه والله أعلم» ..

وقد كنت قررت أن أسوقها كلها حديثا حديثا وأخرجها تخريجا علميا دقيقا وأتكلم على أسانيدها مميزا ما صح منها مما لم يصح حسب قواعد هذا العلم الشريف وأذكر ألفاظها الدالة على ما ذكرنا، ثم بدا لي أن الكلام سيطول بذلك جدا وأن الرسالة ستكبر بذلك وتخرج عن الحجم الذي أردته لها فاكتفيت من تلك الأحاديث على ستة منها لصحتها حسب القواعد المشار إليها أكثرها صحيح لذاته وبعضها له أكثر من طريق واحد، والأحاديث الأخرى يجدها الراغب في الإطلاع عليها عند ابن القيم الجوزية في كتابه القيم: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان في الصفحات التالية من المجلد الأول 239 و 248 و 251 و 254 و 256 و 261 - 265.

الحديث الأول: عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري قال: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.

ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة 1 فيقولون: ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015